صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/68

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦۲
بشير بين السلطان والعزيز

سعد بك طوقان وقبل التماسهم فعين الشيخ حسين متسلماً على جنين وبلادها والشيخ محمد على نابلس وأحال إقليم المشاريق إلى عهـدة الشيخ عبدالله الجرار وإقليم بني صعب إلى عهدة الشيخ يوسف الجيوسي والشيخ عبد الوهاب الجيوسي. وكتب إلى الأمير بشير الشهابي يفيده بحضوره واستيلائه على يافة وحيفا1. وفي العشرين الشهر من نفسه قامت طلائع الجيش إلى عكة للاستكشاف وواكبتها وحدات الأسطول.

٢ - حصار عكة: وكانت عكة آنئذٍ بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف نسمة. وكانت قاعدة إيالة صيدا وحصنها المنيع. يُحدق بها سور داخلي هو سورها الصليبي القديم رممه ظاهر العمر في السنة ١١٦٣ للهجرة (١٧٤٩) وتوجه بأبيات أربعة لا تزال محفوظة على بلاطة رخامية في متحف البلدة:

بأمر الله هذا السور قاما
بعکة من فتى بالخير قاما
أبي الفرسان ظاهر المفدى
أعز الله دولته دواما
فباطن بابه الرحمات فيه
وظاهره العذاب لمن تعاما
وذا بالله صار حمى فأرخ
بناك الله فخراً لا يسامى

وكان هذا السور يشكل مخمساً هندسياً ضلعان من أضلاعه يواجهان البر في الشرق والشمال ويشكلان عند التقائهما زاوية حادة اشتهرت في أعمال الحصار. أما الأضلاع الثلاثة الأخرى فإنها كانت توازي الشاطئ فتحيط بالبلدة من الجنوب والغرب والشمال. وكان ارتفاع هذا السور في ضلعيه البريين حوالي الاثني عشر مترا وحوالي العشرة في أضلاعه البحرية. وكان له في نقاط معينة أبراج بارزة تزيده مناعة وقت الحرب وكان يحدق به عند البر خندق عميق عريض أنشأه الجزار بعد حصار نابوليون سنة ١٧٩٩. ولم يكن البحر عميقاً عند الأسوار البحرية فشكل بقرب قعره عقدة حربية عرقلت أعمال القصف في أثناء أي حصار بحري في ذلك العصر. وكان قد أنشأ الجزار في أواخر عهده أيضاً سوراً آخر من ناحية البر يحيط بالسور القديم ويوازيه في الشكل والعلو ولكنه يفوقه في العرض. فإن عرضه كان يتراوح بين الثلاثين والستين متراً. وزاده مناعة بأبراج مربعة أهمها برج الباب «قبو برجي» عند الزاوية الشرقية الجنوبية وبرج النبي صالح بعده فبرج السبيل وبرج القومندار أو برج الزاوية


  1. يوحنا بحري إلى الباشمعاون ۱٤ و۱٥ جمادى الآخرة سنة ١٢٩٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج ١ ص ۱۲۸-۱۲۹