صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/84

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧٨
بشير بين السلطان والعزيز

وأمر ابنه أن يكتب إلى والي دمشق علوش باشا هكذا: يا أخي أنا أعلم مقدار الخدمات التي أديتها للدولة وأنها كافأتك بأصغر المناصب وبما أنك سوف لا تتمكن من إجراء أي شيء فإنها ستعاقبك كما هو معلوم عنها بالاختبار. فتعال يا أخي ويا مواطني لنتآخى ونتحد معاً لإخراج ملتنا من هذه المذلة1.

وكان العزيز منذ بدء الحصار على عكة قد أمر بمفاوضة أعيان دمشق واجتذابهم إلى جانبه. فكتب إبراهيم إليهم وكتبوا هم إليـه ووعدوه ولكنهم لم يبروا. وكان الشهابي الكبير يحذره منهم فلا يراهم جديرين بالثقة ولا يستثني أحداً منهم سوى علي آغـا خزينه كاتبي ورشيد آغا الشوملي2.

والواقع أن آغاوات دمشق كانوا قبيل الزحف على عكة قد حرقوا أحد ولاتهم محمد سليم باشا الصدر الأسبق. فأمسوا والحالة هـذه ينتظرون عقاباً صارماً من الدولة وراحوا يلتمسون المساعدة من عبدالله باشا والي عكة راجين العفو وغص النظر. وما أن ظهرت طلائع الجيش المصري في أقصى فلسطين حتى تعهـدوا لحكومة الآستانة «ببذل الروح في سبيل المدافعة عن حقوق السلطان في حال وقوع التعدي من قبل والي مصر»3. ورأوا من الحكمة أن يعرضوا لخدماتهم على الجانب المصري أيضاً كي يمسكوا بالحبل من الطرفين. فقالوا إننا من أخلص عبيد أفندينا إبراهيم باشا ولا شبهة في أننا معه قلباً وقالباً في الباطن رغم تصريحنا في الظاهر أننا سنقبل الوالي التركي الجديد، ولكننا نرى في أن لا يتحرك الجيش المصري إلى طرفنا قبل الانتهاء من مصلحة عكة. لأنه إذا أقدم أفندينا الهمام إلى طرفنا قبل فتح عكة وصادف أن قدمت الجيوش الجرارة من الآستانة فلا شك في أن دولة أفندينا يرجع مصر ونصبح نحن بلا نصير فتصب السلطات التركية غضبها علينا باعتبار أننا أصبحنا مجرمين في نظرهم مرتين»4. ولكن أحدهم على الأقل لا بل أكبرهم وأوجههم محمد جوربجي آغـا (الداراني) الذي أكد ولاءه للسلطات المصرية في بدء عمليات الحصار


  1. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا ٤ محرم سنة ١٢٦٨ (حزیران ۱۸۳۲): المحفوظات ج۲ ص ٥
  2. إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ١٦ رجب سنة ١٣٦٧ (١٨٣١): المحفوظات ج۱ ص ١٥٣ ومن هؤلاء المشار إليهم في الوثائق الملكية محمد جوربجي أغا ومحمد أغا كيلار أميني وشمدين آغا وحمود آغا حاجي بکرزاده ومصطفى آغا الأورفلي ومحمد آغا أجل يقين.
  3. علي نجيب أفندي إلى عبدالله باشا ۱۰ رجب سنة ١٢٩٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج١ ص ١٤٦
  4. إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ١٦ رجب سنة ١٢٦٧ (۱۸۳۱): المحفوظات أيضاً ج ١ ص ۱٥۱-۱٥۲