كتب في الآونة نفسها إلى عبدالله باشا والي عكة يزوده بالأخبار ويؤكد مُقسما بتربة الرسول الأعظم «أنه باقٍ بالخدمة يخدم بماله وأولاده وعياله وروحه إلى أن يفرجها المولى». فضُبط كتابه هذا في يد نابلسي في مياه عكة وعُرض على إبراهيم باشا1. ومن هنا في الأرجح اشمئزاز إبراهيم باشا من أعيان دمشق وقلة ثقته فيهم وقوله لوالده أنهم لم يدخلوا في طاعته إلا بعد أن توغلت قواته في بلدتهم2.
وفي التاسع من حزيران سنة ١٨٣٢ قام الفاتح المصري على رأس قوة تألفت من تسعة آلاف نظامي وثلاثة آلاف فارس بدوي من عكة إلى الرامة فبات فيها ثم انتقل منها إلى جسر بنات يعقوب عبر الأردن فقرية القنيطرة فخان سعسع. وقام الشهابي الكبير ببضعة آلاف لبناني إلى وادي الحريد فوادي القرن فقرية داريا خارج دمشق ومعه ولده الأمير خليل والأميران الأرسلانيان أمين ومحمد3. فأصبح الجيش الزاحف والحالة هذه مقسماً هكذا: قلبه في بعلبك بقيادة عباس باشا وميسرته في طرابلس تحت إمرة حسن بك المناستولي وميمنته في مداخل دمشق وعلى رأسها القائد الفاتح وحليفه اللبناني الكبير4.
فقام علوش باشا والي دمشق يجري اتصالاته بأعيـان البلدة وآغاواتها ويوجب مقاومة المصريين واللبنانيين «ولو ساعة واحدة». ودعا محمد جوربجي آغا بعض الأعيان إليه ونهى مخالفة الدولة وسلح أتباعه ونبه على الأهالي أن يتسلحوا ويستعدوا للكفاح فاحتـار هؤلاء في أمرهم ولكنهم انصاعوا إليه في النهاية وخرجوا لقتال المصريين واللبنانيين5. وما أن فعلوا وخرجوا إلى داريا بفرسانهم الثمان مئة وبضعة آلاف من المشاة حتى سلط القائـد المصري فرسان العرب وأورطة نظامية عليهم ففروا هاربين في ظرف ساعة من الزمن. وفي مساء تلك الليلة في الثالث عشر من حزيران سنة ١٨٣٢ فر علوش باشا والقاضي والمفتي والنقيب ومعظم آغاوات البلد إلى حمص بطريق النبك ودير عطية. وقام في صباح اليوم
- ↑ يوحنا بحري إلى الباشمعاون ۲۷ جمادى الآخرة سنة ١٢٩٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج ١، ص ۱۳۲ و۱٥٤-۱٥٦
- ↑ إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ٩ ربيع الآخر سنة ١٢٦٨ (أيلول سنة ١٨٣٢): المحفوظات ج۲ ص ۹٥
- ↑ کادالفان وبارو ص ١٤٩-١٥٠ وأخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥٧٤
- ↑ کادالغان وبانو ص ١٤٧
- ↑ المعلم يوسف القرداحي إلى يوحنا بحري فالباشمعاون ۱۳ محرم سنة ١٢٤٨ (۱۸۳۲): المحفوظات ج۲ ص ۱۹