نفسه بزعماء الإنكشارية في حلب للغاية نفسها أو أن يكون الأمير الشهابي قد فعل مثل ذلك نظراً لعلاقاته الطيبة مع بعضهم. ومن هنا في الأرجح تعيين إبراهيم آغا سياف زاده على حلب حال استيلاء المصريين عليها1. وكان العزيز منذ سقوط عكة وفتح دمشق قد أرسل إلى بر الشام محو بك الكردي ليلتحق بابنه إبراهيم ويستميل أكراد الجزيرة وجنوبي الأناضول2، ففعل فيما يظهر ونجح في مهمته وجاءت وفود أورفة وديار بكر إلى حلب تعلن خضوع هاتين المدينتين وتوابعها لحكم العزيز3.
ورأى «السردار الأكرم» أن يأوي إلى مكان حصين يصمد فيه فانسحب إلى مضيق بيلان عبر جبال الأمانوس التي تفصل بين بر الشام وبين أدنة وتعلو في بعض قممها ألفاً وثمان مئة متر. فشطر قواته شطرين أرسل أحدهما عبر كليس والآخر عن طريق أنطاكية. واتخذ مواقعه على قمم الجبال فاحتشد المشاة فوق هضبة على خط منكسر يصل طرفه الأيمن إلى طريق وعر يخترق الجبل آتياً من خان قرموط ذاهباً إلى بيـلان وطرفه الأيسر إلى الطريق الوسط الواصل إلى بيلان نفسها. وكانت ميسرة هذا الجيش ترابط على امتداد هذا الخط فيما يلي هذا الطريق، ويشد أزرها بعض المدافع المنصوبة على أكمة قريبة من الطريق. وأقـام السردار أمام صفوف المشاة استحكامات نصب فيها المدافع وأمامها الفرسان.
وقام إبراهيم الفاتح من حلب في السادس والعشرين من تموز متابعاً خصمه فأرسل النظاميين من قواته عن طريق كلس وأمر غير النظاميين أن يتوجهوا إلى بيلان عن طريق أنطاكية. ولدى وصوله إلى مضيق بيلان في التاسع والعشرين عسكر في السهل المنبسط تحت المضيق. ثم أنعم النظر في مواقع خصمه فألقاها منيعة يصعب على جيش مرابط في السهل أن ينـال منها منالاً. فاجتمع إلى قواده ومعاونيه وتداول وإياهم الرأي فامتنع عن مهاجمة الترك مواجهة ورأى أن يدور حول ميسرتهم فيحتل بعض الهضاب التي تمكنه من التسلط على قلب الجيش التركي وجعل مشاته هدفا لنيران مدافع مصر. ويرسل في الوقت نفسه بعض قواته للإحاطة بميمنة الجيش التركي.
فأنفذ القائد المصري ألاي الغارديا والألاي الثامن والثامن عشر من المشاة إلى طريق كلس بيلان فساروا إليه واحتشدوا وراء أكمة ووراءهم الفرسان والمدافع ثم أخذوا يتحركون