صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/99

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٣
الفصل الخامس: كوتاهية وهنكار إسكلەسى

البريطانية لا ترضى من تجزئة الدولة العثمانية. ولكن المستر كامبل لم يصل إلى مصر قبل السادس والعشرين من آذار1. وفي السابع من آذار كتب الوزير البريطاني يعتذر عن تقديم المعونة لحكومة الآستانة ولكنه وعد بالإسعاف السياسي فتعاون مع الحكومة الفرنسية تعاوناً جدياً وأرسل في نيسان ينذر العزيز بحصار بحري. ثم رأى أن الضرورة تقضي باللجوء إلى القوة فأمر السر تشارلس هوثام أن يقوم بوحدات بحرية إلى الدردنيل ففعل في شهر أيار فجاء عمله متأخراً2.

ولم يكن للبرنس مترنيخ سوى سياسة واحدة في الشرق وفي الغرب معاً وهي سياسة المحافظة على التقاليد الموروثة وإخماد الحركات القومية واحترام الحقوق الشرعية. ولذا فأننا نراه ينتدب الكولونيل بروکش فون أوستن لتمثيل حكومته في مصر. وكان هذا قد جاب مصر طولاً وعرضاً في السنة ١٨٢٦ فأعجب بعقلية العزيز وتفوقه على أقرانه. ونشر مذكرات من وادي النيل في مجلدات ثلاثة. ووصل مصر في أوائل نيسان ونقل إلى سيدها موقف حكومته من المشكلة القائمة بين السلطان وبين العزيز فبين للعزيز حراجة الموقف الدولي ورجاه أن ينهي المشكلة في أقرب وقت ممكن3.

٤ - اتفاق كوتاهية: وأدى التهديد بالزحف على الآستانة وخطر نشوب ثورة في الأناضول وانقطاع قسم وافر من القوت عن الآستانة من جراء وقوع الأناضول في يد العزيز وامتعاض الرأي العام الإسلامي من التعاون مع روسية عدوة الدولة القديمة وضغط الدول الغربية على كل من السلطان والعزيز نقول أدى هذا كله إلى قيام مصطفى رشيد بك آمدي الديوان الهايوني في الثلاثين من آذار إلى المعسكر المصري حاملاً خطاً شريفاً بتوجيه جميع الإيالات الشامية إلى عهدة العزيز. ورافق الآمدي في هذه الرحلة القائم بأعمال السفارة الإفرنسية البارون دي فارين. وكان القائد المصري قد أصدر أوامره للزحف على الآستانة فأوقف قواته وبات ينتظر تعليمات جديدة من والده ولكنه لم يتردد في المطالبة بأدنة وملحقاتها فوافق الآمدي على ذلك وشرع إبراهيم يستعد للتراجع عن بروسة. ولكن ادعاء الباب العالي بأن المفاوض التركي تخطى حدود صلاحياته وصدور التوجيهات الجديدة


  1. عن المحفوظات البريطانية - وزارة الخارجية – ۷۸ سجل ٢٢٦ نقلاً عن الإمبراطورية المصرية للدكتور محمد صبري ص ۲۲۹
  2. اطلب كتاب الدكتور هارولد تمبرلي المشار إليه آنفاً من ٦٣-٦٦
  3. ميمو إلى وزير الخارجية ٦ نيسان سنة ١٨٣٣: الحرب الشامية الأولى لجورج دوان ج ١ ص ۲۲۹-۳۳۳