صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/100

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١٤
بشير بين السلطان والعزيز

وأسرع قائد القوات العثمانية محمد سليم باشا إلى استغلال الموقف فحرر إلى وجوه فلسطين وأعيانها بما تم له في عكة وقال في مرسوم له وجهه إلى الشيخ أحمد عبد الرحمن أبي غوش في قرية العنب – طريق يافة القدس – «نهار أمس تاريخه قد نشرت أعلام الدولة العليـة على أسوار مدينة عكة إذ قد حضرنا إليها بحراً بالعساكر الظافرة واستولينا عليها في ظرف ساعتين ونصف وأعلنا الأمان فيها إلى الجميع وكشف الله من أبصار ألفين وطلب الأمان ثلاثة آلاف». وعين محمد عزت باشا والي صيدا الجديد محمد أفندي حمدي قاضي القـدس قائممقاماً من قبله لإدارة شؤون فلسطين مؤقتاً ولإرهاق العساكر المصرية واتقاء القبض على إسماعيل بك. فاتخذ القاضي القائمقام إجراءات عدة منها تثبيت أعضاء مجلس شورى القدس وتعيين حسن آغا المجري تفكجي باشي وأحمد آغا مراد طوبجي باشي والشيخ صبيح سوكه شيخاً على بيت لحم والشيخ عطا الله محمود عريقات ناظرين على ناحية الوادي وعرب التعامرة والشيخ إسماعيل السمحان ناظراً على ربع جبل القدس. وفعل ما يماثل هذا في مقاطعات غزة ویافة والخليل ونابلس وجنين وشفا عمر وغيرها1. وتحفظ سجلات المحكمة الشرعية في القدس التفاتاً خاصاً نحو الشيخ عبد الرحمن العمر أحد أعيان الخليل فتشير إليه بالتعبير «محسوب الدولة»2.

ورأى قائد القوات البرية الجنرال السر تشارلس سميث أن طول الشاطئ الذي احتله وقلة الجنود لديه وضآلة تدريبهم رأى أن هذه الأمور جميعها تجعل التوغل في داخل البلاد الشامية ضرباً من الجنون لا تجيزه القواعد العسكرية. أما الكومودور السر تشارلس نابيير فإنـه ارتأى أن تتقدم جنود الحلفاء عبر السلسلة الغربية إلى زحلة فصادف رأيه هذا معارضة شديدة من رئيسه الأميرال السر روبرت ستوبفورد ومن القائد البري الأعلى السر تشارلس سمیث3.

موقف العزيز: وكان العزيز لا يزال يعول على الامتناع بعكة بدليل ما اتخذه من إجراءات قبيل سقوطها. فإنه كتب إلى ابنه إبراهيم في الرابع والعشرين من تشرين الأول يقول أن كاتباً درزياً في الإسكندرية تبدو عليه علائم «الذكاء والشيطنة» ارتأى إرجاع المنفيين من زعماء الدروز إلى لبنان ليعاونوا السرعسكر في سياسته الداخلية.


  1. كتابنا الأصول ج ٥ ص ۲۱۹-۲۳۱
  2. المرجع نفسه ج ٥ ص ۲۳۲
  3. إنكلتره والقرم للدكتور هارولد تمبرلي ص ۱۲۹-۱۳۰