أثر الغرب الحديث: وكان ما كان من أمر الثورة الصناعية في أوروبة الغربية، فكثر الانتاج وتراكمت رؤوس الأموال واشتد الزحام على المواد والأسواق. ووقع أعظم هذه الأسواق في آسية ولا سيما شرقيها وجنوبيها. وبلغت الدولة العثمانية أقصى الكبر وعجزت وضعفت وقاربت الأجل. فاهتمت الدول الصناعية بمصيرها لوقوعها عبر الطريق إلى الشرق ولا سيما في أطرافها العربية مصر والشام والعراق والجزيرة. وراجت سلع لانكاشير القطنية رواجاً عظيماً في أسواق الدولة العثمانية وكثر طلابها فارتفع مجموع ما صدر منها من ثلاث مئة وخمسة وخمسين ألف جنيه استرليني في السنه ١٧٨٠ إلى ثلاثين مليوناً وثمان مئة ألف في السنة ١٨٢٥ وقتلت مثيلاتها المحلية لرخصها ومتانتها وجمـال شكلها. وتدفق بن المستعمرات البريطانية وسكرها إلى هذه الأسواق نفسها فطرد غيره منها نظراً لرخصه وجودته[1]. وجرى مثل هذا وإن لم يكن بالنسبة نفسها في تجارة الطليان والفرنسيس وغيرهما من شعوب أوروبة الغربية مع الدولة العثمانية وارتفعت صادرات هـذه إلى الجزر البريطانية وحدها مما كانت قيمته توازي مئتين وثلاثة وأربعين ألف جنيه في السنة ١٨١٢ إلى مليون ومئتي ألف في السنة ١٨٢٥[2]. وكان معظم هذه الصادرات العثمانية المصفر الشامي والحرير اللبناني والقطن الفلسطيني ولا سيما قطن عكة ونابلس والنيلة الأردنية.
واشتدت عناية الفرنسيس بالحرير اللبناني. وكان انتاج الشيخ بشير جنبلاط وحده أكثر
بشير بين السلطان والعزيز ج ۲-۸