القمر. وفي السنة ١٨١٧ سافر إلى دمياط طلباً للرزق فاشتد احتكاكه برجالها ولا سيما الشوام منهم الذين أخذوا شيئاً من العلوم الحديثة عن علماء الحملة الفرنساوية وفي طليعة هؤلاء الترجمان باسيليوس فخر ودرس الموسيقى العربية وألف رسالة فيها ثم عاد إلى دير القمر فعينه الشهابي الكبير كتخدا من قبله لدى نسيبه الأمير سعد الدين الشهابي في حاصبيا. فأصيب في السنة ۱۸۳۸ بالملاريا واضطر أن يعود إلى دير القمر نظراً لما قاساه من عناء في معالجتها فصمم على درس الطب وبدأ يطالع ويدرس على نفسه ويحتك بكل طبيب يأتي إلى بلدته. وما فتئ حتى أصبح من أطباء زمانه. وفي السنة ١٨٣٣ انتقل إلى دمشق ومارس الطب فيها فاتصل بالدكتور كلوت بك وأخذ ما أخذ عنه. وأعجب الطبيب الفرنسي بمخائيل فأهداه الكتب والأدوات وأصبح رئيس أطباء دمشق ثم نصح إليه صديقه كلوت بك أن ينزل إلى مصر ويتابع دروسه في مدرستها الطبية ففعل ونال شهادتها1.
وظل السواد الأعظم من طلاب العلوم الابتدائية في أمهات المدن والقرى في جميع الأقطار الشامية يتناولون هذه العلوم في الكتاتيب. فإذا ما مست الحاجة في جهـة ما إلى كتاب يقوم فقيه أو عريف لفقيه فيجمع حوله بعض الأطفال إما في المسجد أو في الزاوية أو في بيته ويحفظهم القرآن فيتعلمون القراءة والكتابة لحفظه. وربما حفظ بعضهم القرآن ولم يتعلم القراءة والكتابة. أما مبادئ الحساب فقد يأخذها الطالب عن فقيهه أو عريفه أو والده أو أحد التجار.
وإذا ما أراد أحدهم أن يستريد طلب علمه على يد أحد الأشياخ إما في المسجد أو في بيت الشيخ. وقل من رحل منهم في طلبه. فهذا إمام أئمة دمشق وأستاذ أساتذتها وحبر أخبارها وجهبذ جهابذتها «الذي شاع ذكره في القرى والأمصار واشتهر كالشمس في رابعة النهار بركة الخاص والعام وحسنة الليالي والأيام» إمام الشافعية في جامع بني أميـة الشيخ أحمد العطار فإنه قرأ القرآن قراءة تدبر وإتقان على الشريف ذيب بن خليل وأخذ الحديث والفقه عن الشيخ علي كزبر والشيخ محمد الغزي مفتي الشافعية وقرأ في المنقول والمعقول على كل من الشهاب أحمد المنيني وعلي أفندي الطاغستاني2. وهذا الشيخ عبد الرحمن الكزبري «مسند الشام وشيخ علمائها الأعلام الإمام العلامة والحبر البحر الفهامة محدث الديار الشامية