على الدروز بشطر من عسكره من ورائهم. ولما اشتد الحرب على الدروز انكفأوا إلى وادي بكا وإذا بإبراهيم باشا هاجماً عليهم بعسكره فأطلق عليهم ناراً دائمة وأطبقت العساكر من كل جانب. فانحاز الشيخ حسن جنبلاط إلى قلعة صخرية تطل على الوادي ولجأ الشيخ ناصر الدين إلى قلعة مماثلة في أسفل الوادي. وأحدقت بهم العساكر وحملت عليهم فصدوها.
ولما نفد الرصاص والبارود من جماعة الشيخ ناصر الـدين صاح أن اهجموا على القوم بالجوارح ففعلوا «فما كنت ترى إلا دماء مهرأقة وأشخاصاً ممزقة ورؤوساً طائرة وأعضاء متناثرة». ولما رأى الوزيران عسكرهما أوشك أن يولي الأدبار أمرا بهجوم معاكس مماثل فاستل الشيخ ناصر الدين سيفه يغري به من يصل إليه حتى قتل خلقاً كثيراً من حواليه ثم قتل ولم ينج من أمسا به سوى خمسين نفراً. وأما الشيخ حسن فإنه عندما أيقن أن لا نجاة له ولقومه إلا بالهرب فر بمن نجا منهم إلى شبعا1.
وكان شبلي آغا العريان قد انتقل بجماعته إلى جنعم على سطح جبل الشيخ فأراد السرعسكر أن يحدق من جهات ثلاث وطلب إلى الشيخ جرجس الدبس أن ينقل خطته هذه إلى العساكر المحتشدة في بانياس كي تشترك في الهجوم فقام الشيخ جرجس إلى بانياس وأطلع قواد العساكر فيها على خطة السرعسكر وباح بالسر نفسه إلى شبلي آغا العريان. فقسم العريان قوته إلى فرق ثلاث استعداداً لصد هذا الهجوم. وفي الموعد المعين قامت العساكر إلى الدروز النابلسيين الذين أتوا من بانياس فانكسروا ناكصين على أعقابهم مذعورين وما فتئوا حتى وصلوا إلى نقطة انطلاقهم. ورد الدروز أيضاً الأمير خليلاً وجنوده مذعورين مشتتين وقتلوا منهم الشيخ فضل الخازن وسبعة عشر رجلاً آخرين، ولكنهم لم يقووا على السرعسكر وجنوده في قرية شبعا فتراجوا أمامه مغلوبين على أمرهم ودخل السرعسكر هذه القرية منتصراً وأمر الشيخ جرجس أن يبلغ الدروز في جنعم وجوب تقديم السلاح. وما أن هم بالمسير حتى شاهد اثنين من عساكر الأرناؤوط ممسكين بامرأة درزية لارتكاب الفحشاء فأخبر الباشا بما رأى فطلب هذا إلى «البورجي» أن يردهما عنها فلم يمتثلا وعندئذ «ساق السرعسكر بغلته» واتجه نحوهما وما أن وصل إليهما حتى قتلهما بيده. وتابع جرجس
- ↑ أخبار الأعيان أيضاً ص ٥٨٥-٥۸٧ ولعل هذه هي المعركة نفسهـا التي ذكرها السرعـكر في بلاغه الصادر في الثاني عشر من ربيع الآخر سنة ١٢٥٤ (السادس من تموز سنة ١٨٣٨) وقد أسماها معركة برەده – محمود بك محافظ بيروت إلى حسين باشا: المحفوظات ج ٢ ص ۳۹۷-۳۹۸