صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/32

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الفصل الثامن
العودة إلى المطالبة بالاستقلال
أيار سنة ١٨٣٨

وناهز العزيز السبعين وقارب نهاية المسير. فأحبّ أن يضمن دوام العز لأولاده وأحفاده. ورغب رغبة أكيدة في أن يكفل دوام التقدم والعمران قبل مماته. ولمس بعد التجربة زهاء سنوات أربع أن اتفاق كوتاهية لا يفي بالمرام وأنه لا يمكن الاطمئنان إليه. وكان بوغوص بك ناظر الخارجية لديه يؤثر التودد إلى رجال الآستانة طمعاً بالوصول إلى الصفاء والوئام. فكتب إليه العزيز مرة يرد على كتاب تقدم به بوغوص يستحسن فيه تقديم كمية من النقود إلى حكومة الآستانة نظراً لانهماكها في أداء الدين لروسية وخوفاً من أن تطلب ذلك إما مباشرة أو بواسطة أحد التناصل فقال: «هل سمحت مني مرة واحدة أن هناك أملاً في تحسين صلتنا مع رجال الآستانة؟ وهل ثمة إمكان للصفاء والوئام؟ إما أن هذه النقود ستدفع بعد آنٍ بتوسط الدول الأجنبية فحسبي أن أكتسب عندئذٍ منة المتوسط بيننا؟ ثم يأسف العزيز أن يرى بوغرص في ضلاله القديم ناشداً مصافاة الآستانة1. وكان العزيز قد أمر بوغوص بك أن يكتب إلى ممثلي الدول لديه في أمر انفصاله نهائياً عن الدولة العثمانية وذلك في أوائل أيلول من السنة ١٨٣٤ ففعل. ولكن الـدول ردت طلبه بإجماع الكلمة ونصحت إليه أن يحافظ على الوضع الراهن كل المحافظة2. ثم عاد فالتجأ إلى فرنسة بعد ذلك بسنتين فقام سفيرها في الآستانة الأميرال روسان يُلح على الباب العالي بوجوب تسوية


  1. محمد علي باشا إلى بوغوص: المحفوظات مع ۲ ص ۱۱۷
  2. كامبل إلى بالمرستون: المحفوظات البريطانية تركية ٢٤٦-٤ و٥ أيلول سنة ١٨٣٤