صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/38

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٥٢
بشير بين السلطان والعزيز

الاحترام والتقدير لشخصيته كثير الاحتكاك به يستشيره في كثير من أموره ويطلق الأمال على ما تقدمه حكومته من معونة في نزاعه من العزيز. وجاءه السفير الصديق يقول بأن منع الاحتكار سيضرب العزيز في نقطة حيوية من موارد ثروته فوافق السلطان كل الموافقة وتبنى رأي بالمرستون وبونسونبي وعقد مع حكومة جلالتها البريطانية معاهدة بلطه ليمان الشهيرة في السادس عشر من آب سنة ١٨٣٨.

وقضت بنود هذه المعاهدة بتحريم الاحتكار في أنحاء السلطنة وبجباية ثلاثة في المئة عن البضائع البريطانية لدى دخولها الأراضي العثمانية وتسعة بالمئة عنها أيضاً لدى بيعها في الداخل. وأوجبت المعاهدة أيضاً فرض ضريبة على جميع ما يصدره التجار البريطانيون عن البضائع العثمانية قدرها ثلاثة في المئة يضاف إليها اثنان في المئة كضريبة داخلية، ثم ثبتت المعاهدة حق البريطانيين بالتملك ووجوب حمايتهم كما سبق أن نصت به الامتيازات السالفة1.

واحتج السفير الروسي لدى السلطات العثمانية على عقد هذه المعاهدة في أثناء غيابه ونعتها بأنها ضرب من الدس. وأسرع الأميرال روسان إلى عقد معاهدة مماثلة فلم يتم له ذلك قبل الخامس والعشرين من تشرين الثاني. أما دي تسته سفير هولندة الذي رافق التفاوض بشأن هذه المعاهدة فإنه استحسنها وتوقع عقد مثلها مع سائر الدول2.

أما العزيز فإنه لم يتوان قط في قبول بنودها معلناً أنها ستكون سبباً في زيادة ثروته زيادة تفوق ما كانت تجلبه له محتكراته3. فأزال موقفه هذا ما كان قد لحق بالأميرال روسان من تردد وسارع هذا إلى إعداد معاهدة مماثلة بين الباب العالي وبين فرنسة4. ولكن العزيز لم يبدأ بتطبيقها قبل السنة ١٨٤٢ نظراً لانشغاله بالحرب الشامية الثانية5.


  1. راجع مجموعة هو تسلت: المعاهدات – تركية (۱۸۷٥) ص ١-٤٠
  2. مؤلف الدكتور هارولد تمبرلي المشار اليه آنفاً من ٣٦-٣٧
  3. تاريخ حياة الفيكوت بالمرستون لهنري بلوور ج۲ ص ۲٥۷
  4. بوتينيف إلى ميدم: المحفوظات الروسية في مصر ج۳ ص ۳۳۱-۲۳۲
  5. الكونت شومان - رابو لي غيزو: مصر وأوروبة - مجموعة إدوار دريو ج ٥ ص ٣٥٠ وما يليها. راجع أيضاً محمد شريف باشا إلى حسين باشا: المحفوظات المصرية ج٤ ص ۱۳