السواد الأعظم من رجال الدين الذين رأوا في عمل العزيز خروجاً من الدين الحنيف فاستمسكوا بالآية:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ﴾ ورددوهـا بمناسبات عديدة. وقام كل من السلطان وعبدالله باشا يضرب على هذا الوتر نفسه. فقال السلطان في فرمان وجهه إلى عثمان باشا والي طرابلس: «واتبع محمد علي باشا التسويلات الشيطانية ومال إلى طريق الفساد والعناد وبحسب الشرع الشريف دخل في حكم الباغي»1. وقال عبدالله باشا في مرسوم وجهه إلى أعيان القدس: «فلا يخفى أن هذا الخاسر معلوم حاله بارتكاب المنكرات والفضائح المغايرة للشريعة والسنة. فيلزم منكم بعد تلاوة بيورلدينا هذا تقرأوا الفاتحة الشريفة وتجلبوا الدعاء الخيري لحضرة مولانا السلطان. والعلماء منكم يخبروا العام بمضمون الشريعة المطهرة ـن من يخرج على السلطـان فقد خرج عن أمر الله تعالى»2. وقال في رسالة له إلى مصطفى آغا بربر محاولاً اجتذابه إليه: «وحيث أنتم لله الحمد أهل ديانة وتقوى وعلى الخصوص من أعضاء الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم»3. ولمس عثمان باشا شيئاً من هذا عندما قابل المسلمين من حامية طرابلس فإنهم رفضوا أن يصوبوا بنادقهم على عساكر السلطان واكتفوا بإطلاقها في الجو4. ويلوح لنا أن العزيز نفسه توقع شيئاً من هذا عندما قال إلى قنصل بريطانية سنة ١٨٢٧ بأن تمسك الشعب بالدين يدفع به إلى التخلي عن حاکمه إن هو وقع تحت حرم السلطان5. وقد حسب إبراهيم باشا لهذا كله حسابه فعارض في تجنيد الشوام في أوائل أيلول من السنة ۱۸۳۲ وقال لوالده: «إن أهالي صيدا لم يدخلوا في طاعتنا من تلقاء أنفسهم ولم يقـدم الدمشقيون على هذا الأمر نفسه إلا بعد توغل جنودنا في بلدتهم وجنائنها. وكذلك أهالي حمص وحماة وحلب فإنهم لم ينحازوا إلى جانبنا إلا بعد انهزام الجيش العثماني»6.
٢ - الظروف القاهرة: ولم تحسم الحرب شيئاً من أسباب النزاع بين العزيز وبين السلطان. فالعزيز بقي والياً عادياً تجدد ولايته في مطلع كل سنة بأمر سلطاني والسلطان ظل خائفاً من هذا الوالي حاقداً عليه. فاضطر العزيز والحالة هذه أن يبقى