صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/56

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٧٠
بشير بين السلطان والعزيز

السباهيين في دمشق عثمان المرعشلي في منتصف تموز يستغرب الاحتفال بالنصر في نزب فيقول «ألم نتخلص بعد من أكاذيب المصريين أمن الممكن كسر جيش إستانبول المكون من تلك الآلاف من العساكر إن جيش إستانبول قد هزم جيش مصر وحاصر إبراهيم باشا في حلب».

٢ - دمشق وجهاتها: ونرى الحكمدار شريف باشا يخاطب السرعسكر في هذه الآونة نفسها فيقول: لقد تبدل الحال في هذه النواحي (دمشق) منذ خمسة إلى عشرة أيام. فقد تكاثر عدد اللصوص وقطاع الطرق في طريق سعسع وفي الطرق المؤدية إلى حوران. فإن من فر من جماعة شبلي آغا العريان قد عمد إلى اللصوصية والنهب وراح عرب السلوط يقطعون الطريق على الناس ويسلبون المارة حتى أصبح من المتعذر على فئة قليلة من الخيالة أن تجتاز الطريق. وقد نهبوا الفرسان الذين يحملون الرسائل واستولوا على البريد الذي أتى عن طريق سعسع وقتلوا أحد الخيالين ولا يعلم ماذا تم بالخيـال الآخر. وعرب السلوط على تفاهم مع الحورانيين لا يتعرضون لهم أما العساكر والشوام ومن إليهم من الناس فإنهم إذا ما وقعوا في أيديهم عمدوا إلى نهبهم. ولقد طغى بنو حميدي من عربان بني صخر والدروز والسلوط وعرب الجبل والحورانيين على اتفاق مع بعضهم فإذا مس أحدهم أي ضرر هب الجميع إلى نصرته. هذا ولم يدفع الحورانيون أي شيء من الأموال الأميرية أو الغلال المرتبة عليهم. ومن المحقق أنه ليس في نيتهم أن يقدموا أي شيء منها. ثم أنـه من الملحوظ أن تقوم فتنة في القريب العاجل. والخيالة الذين يترأسهم شبلي آغا الموجود مع المير جواد الحرفوش قد انحدروا من جبل القلمون بعد أن وصل المير المذكور وأموا الغوطة والمرج ومنها ساروا إلى حوران فزاكية حيث أخذوا يقطعون الطريق. إن هناك فتنة يريد هؤلاء الناس أن يقوموا بها ولكنهم يرجئونها إلى حين رفع الغلال من البيادر1.

واختان علي آغا خزينة كاتبي مولاه وصديقه السرعسكر فأخذ ينفث السموم في صدر معارفه وجلسائه ويقوض ثقتهم بالحكومة المصرية. وتفصيل هذا أن علي آغا تودد إلى الشهابي الكبير وإلى إبراهيم باشا في أوائل الفتح فأكرمه إبراهيم وأحبه وقدمه على غيره وجعل من بيته مقراً له في دمشق وتودد إليه فناداه «بابا علي» فعظم شأنه بين أقرانه واشتدت شوكته وقصده الدمشقيون وأبناء القرى المجاورة لحل مشاكلهم مع الحكومة فقدموا له الهـدايا وقبلها. ثم خشي زوال الحكم المصري وعودة العثمانيين إلى البلاد فأصغى إلى دعاتهم وقبل الدعوة، وفي الآونة التي نحن بصددها انتدبه محمد شريف باشا لإصلاح ذات الحال في حوران


  1. المحفوظات ج ۱ ص ١٣٥-١٤٣