٥ - العزيز وابنه وموقفهما من الثورة: وعظم هذا كله على السرعسكر وحسب له حسابه فكتب إلى والده يقول: «لقد انتهت معركة نزيب بانتصارنا وأقيمت معالم الفرح في كل مكان وعلى الرغم من هذا لم يخلـد أهالي عربستان إلى الهدوء ولم يقلعوا عن العصيان. وقوم هذا شأنهم منا لا يتركون شيئاً لا يفعلونه ضدنا إذا شاهدوا السفن الأجنبية تقترب من الموانئ. لفرض أننا تقدمنا إلى الأمام وهزمنا الروس فما الذي نستطيع أن نفعله بعد ذلك. كنا صرفنا لمسيحيي الجبل أي لبنان أربعة آلاف بندقية نظراً للظروف الحاضرة ولكن الدروز أكثر استعداداً منهم للعصيان فإذا اتفقوا مع بعضهم فلا شك أن أهالي عربستان تقوم بأجمعها علينا. ولا يغيب عن الأذهان أن أهالي حلب قالوا للعساكر الذين قبضنا عليهم من جيش إستانبول «وأسفاه على خبز السلطان فإنكم لم تستطيعوا إنقاذنا». وإن علي آغا خزينة كاتبي زاده قتل من أجل هذه الأقوال. ومن المجزوم به أن العرب والشاميين اتفقوا على أن يقطعوا علينا طريق الرجعـة في حالة انهزامنا1. وعاد إلى الكتابة في منتصف تشرين الأول من السنة نفسها فقال لو أرادت إنكلترة وفرنسة أن تبثا جنوداً في سواحل الشام فلن تستطيعا إلا في عكة وطرابلس لأن طرق سائر الجهات ليست صالحة2.
٦ - الحركة العامية في لبنان: وخاب سعي العزيز لدى حكومات الدول في أن تنظر في أمره وتقدر ظروفه وهاله أمر اتفاقها ضده فعزم على الصمود في وجها ومضى على رأيه في هذا فقرر جلب قواته من اليمن ونجد والحجاز3 وأنشأ الألايات الجديدة في مصر وأشرف بنفسه على إنشائها وأدخل فيها الطلبة اللبنانيين الذين كانوا قد التحقوا بمدرسة الطب في القصر العيني، فذاع الخبر في لبنان أن العزيز يجند هذه المرة من المسلمين والنصارى. وشاع في أثناء ذلك خبر قدوم عساكر مصرية إلى بعلبـك وطرابلس وورد مركب إلى بيروت مشحوناً ثياباً عسكرية فظن اللبنانيون أنها مهيأة لهم وازدادوا اضطراباً وتقمقموا ودار بينهم لسان العصيان4. وذكر العزيز في غضون هذا كله أي في أوائل العام ١٨٤٠ نصائح إبراهيم المشار إليها أعلاه فأمر باسترجاع الأسلحة التي