صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/104

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٩٨–

الفصل الثالث

الوجود

٣٤ – الله

أ – نظرية أفلاطون في الوجود مماثلة لنظريته في المعرفة بمعنى أنها تصعد من المحسوس إلى المعقول وتخضع الأول للثاني، وقد قص حكاية حاله بإزاء العلم الطبيعي فقال ما خلاصته (بلسان سقراط): لما كنت شابًّا كثيرًا ما قاسيت الأمرَّيْنِ في معالجة المسائل الطبيعية بالمادة وحدها على طريقة القدماء. وسمعت ذات يوم قارئًا يقرأ في كتاب لأنكساغورس «هو العقل الذي رتب الكل وهو علة الأشياء جميعًا» ففرحت لمثل هذه العلة وتناولت الكتاب بشغف، ولكني ألفيت صاحبه لا يضيف للعقل أي شأن في العلل الجزئية لنظام الأشياء، بل بالضد يذكر في هذا الصدد أفعال الهواء والأثير والماء وما إليها، مثله مثل رجل يبدأ بأن يقول إن سقراط في جميع أفعاله يفعل بعقله ثم يعلل جلوسي هنا (في السجن) بحركات عظامي وعضلاتي، ويعلل حديثي بفعل الأصوات والهواء والسمع وما أشبه، ولا يعنى بذكر العلل الحقة وهي: لما كان الأثينيون قد رأوا أحسن أن يحكموا عليَّ، ورأيت أنا أحسن؛ أي أقرب إلى العدالة أن أتحمل القصاص الذي فرضوا عليَّ، فقد بقيت في هذا المكان، ولولا ذلك لكانت عظامي وعضلاتي منذ زمن طويل في ميغاري أو في بويتيا حيث كان قد حملها تصور آخر للأحسن، فتسمية مثل هذه الأشياء عللًا منتهى الضلالة. أما إن قيل: لولا العضلات والعظام فلست أستطيع تحقيق أغراضي فهذا صحيح، وعلى ذلك فما هو