الفصل الأول
الطبيعيون الأولون
٧ — طاليس
أ — هو أحد الحكماء السبعة انفرد بالعناية بالعلم وكانوا يعنون بالسياسة والأخلاق، جال أنحاء الشرق وتبحر في العلوم، ومما يذكر عنه أنه عمل كمهندس حربي في خدمة قارون — آخر ملوك ليديا في آسيا الصغرى — وبرهن على أن الزوايا المرسومة في نصف الدائرة فهي قائمة، وكان يحسب من فوق برج أبعاد السفن في البحر، وأنبأ بكسوف الشمس الكلي الذي وقع في ٢٨ مايو سنة ٥٨٥ ووضع تقويمًا للملاحين من أهل وطنه ضمنه إرشادات فلكية وجوية منها: أن الدب الأصغر أدق الكواكب دلالة على الشمال، ولما جاء مصر أخذ علم المساحة وشغل بمسألة فيضان النيل، ودل أساتذته المصريين على طريقة لقياس ارتفاع الأهرام وكانوا قد تعبوا في البحث عنها فنبههم إلى أنه في الوقت الذي يكون فيه ظل الشيء مساويًا لمقداره الحقيقي، فإن طول ظل الأهرام هو مقدار ارتفاعها، وأن النسبة تبقى محفوظة بين طول الظل وارتفاع الشيء في أي وقت من النهار.
ب — أما أثره في الفلسفة فهو أنه وضع المسألة الطبيعية وضعًا نظريًّا بعد محاولات الشعراء واللاهوتيين فشق للفلسفة طريقها فبدأت باسمه، قال: إن الماء هو المادة الأولى والجوهر الأوحد الذي تتكون منه الأشياء، وكان هذا القول مألوفًا عند الأقدمين وقد مرت بنا عبارة هوميروس أن أقيانوس المصدر الأول للأشياء، ومن قبل قالت أسطورة بابلية: «في البدء قبل أنْ تسمى السماء، وأن