يذكر هذه النظرية لا يعزوها للفيثاغوريين1، ولكنه يضيف إليهم صراحة قولين: يذهب الواحد إلى أن النفس هي هذه الذرات المتطايرة في الهواء، والتي تدق عن إدراك الحواس فلا تبصر إلا في شعاع الشمس وتتحرك دائمًا حتى عند سكون الهواء، فكأن أصحاب هذا الرأي أرادوا أن يفسروا الحركة الذاتية في الحيوان فافتكروا أن هذه الذرات المتحركة دائمًا تدخل جسمه وتحركه، ولعلهم ظنوا أن هذا التصور يفسر أيضًا كيف أن المولود يجد ساعة ميلاده نفسًا تحل فيه، وهم على كل حال يتابعون معاصريهم فيتصوَّرون النفس مادية وإن جعلوها مادة لطيفة جدًّا، ويذهب القول الآخر إلى أن النفس هي المبدأ الذي تتحرك به هذه الذرات،2 وهو قول يخيل إلينا أنه رأيهم الحق، وهو أرقى من القولين السابقين وجامع لهما بحيث تكون النفس عندهم مبدأ أو علة توافق الأضداد في البدن وعلة حركته جميعًا.
د – وبعد الموت تهبط النفس إلى «الجحيم» تتطهر بالعذاب ثم تعود إلى الأرض تتقمص جسمًا بشريًّا أو حيوانيًّا أو نباتيًّا ولا تزال مترددة بين الأرض والجحيم حتى يتم تطهيرها، وفيثاغورس أول من قال بالتقمص أو التناسخ في اليونان، والعقيدة هندية، وقد رأينا أن الأرفية كانت تقول بولادات متعاقبة، ويروى أنه كان يدعي أنه متجسد للمرة الخامسة، وأنه يذكر حيواته السابقة، وعند الفيثاغوريين أن أزمنة التقمص قد حددها الآلهة ونحن مِلكهم، فليس لنا أن نخالف النظام الذي وضعوه بالانتحار أو بإهلاك الحيوان فيما عدا التضحية، وقد يلوح أن نظرية التناسخ متمشية مع نظرية الدور تؤيدها وتفسرها فيما يختص