صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/46

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٤٠–

مذهب معلمه ضد الذين سخروا منه وحاولوا أن يبينوا أن القول بالوحدة يستتبع نتائج مضحكة ومناقضة له (وهؤلاء هم الفيثاغوريون الذين يؤلفون العالم من أعداد أي من وحدات منفصلة) فحارب أصحاب الكثرة بأن ألزمهم المحالات وبين أن لمذهبهم نتائج هي أدعى للضحك، فهو قد نهج منهجًا جدليًّا بحتًا يقوم على برهان الخلف ويرمي إلى إفحام الخصم، ولم يصل إلينا من المعلومات ما يكفي لتكوين فكرة مضبوطة عن كتابه وترتيب أقواله، ولكن أرسطو أورد بعض حججه في امتناع الكثرة والحركة.1

ب – أما الكثرة فله عليها حجج أربع: يقول لا تخلو الكثرة أن تكون إما كثرة مقادير ممتدة في المكان وإما كثرة آحاد (أعداد) غير ممتدة ولا متجزئة، والحجة الأولى تنظر في الفرض الأول ومؤداها أن المقدار قابل للقسمة بالطبع فيمكن قسمة أي مقدار إلى جزأين، ثم إلى جزأَين، وهكذا دون أن تنتهي القسمة إلى آحاد غير متجزئة؛ لأن مثل هذه الآحاد لا يؤلف مقدارًا متقسمًا وإذن يكون المقدار المحدود المتناهي حاويًا أجزاء حقيقية غير متناهية العدد وهذا خلف — الحجة الثانية في الفرض الثاني وهو أن الكثرة مكونة من آحاد غير متجزئة فتقول: إن هذه الآحاد متناهية العدد؛ لأن الكثرة إن كانت حقيقية فيجب أن تكون معينة، وهذه الآحاد منفصلة بالضرورة وإلا اختلط بعضها مع بعض وهي مفصولة حتمًا بأوساط، وهذه الأوساط بأوساط وهكذا إلى ما لا نهاية، وهذا يناقض المفروض فالكثرة بنوعيها غير حقيقية — والحجة الثالثة تدعي أنه إذا كانت الكثرة حقيقية كان كل واحد من الأشياء يشغل مكانًا حقيقيًّا ولكن هذا المكان يجب أن يكون هو أيضًا في مكان، وهكذا إلى غير نهاية فالكثرة غير حقيقية — والحجة الرابعة تذهب إلى أنه إذا كانت


  1. السماع الطبيعي م٤ ف١ و٣، م٦ ف٢ و٩، ما بعد الطبيعة م٣ ف٤.