ذا العصر الأول الذين كانوا يفكرون في الوجود ويشتغلون بالسياسة والاقتصاد، وضع كتابًا «في الطبيعة أي في الوجود» دافع فيه عن مذهب بارمنيدس لا ضد الفيثاغوريين كما فعل زينون؛ بل ضد مواطنيه الإيونيين فهو ممثل المذهب الإيلي في إيونية وآخر رجاله.
ب – وتلخص مناقشته للمذاهب الإيونية القائلة بالكثرة والتغيير كما يلي:
لو كانت الأشياء وكيفياتها حقيقية على ما تبدو في الحس، ولو كان هناك حقًّا ترابٌ وماء ونار وذهب وحديد وأبيض وأسود لوجب أن يبقى كل منها على حاله بدون تغير؛ إذ إن ما يتغير يبطل أن يكون هو هو، وكيف نصدق أن شيئًا هو بارد بعد أن نكون قد صدقنا أنه حار؟! ولو صح التغير لكان معناه أن الوجود ينعدم، وأن اللاوجود يظهر، ولكن الطبيعيين أنفسهم يقولون: إن شيئًا لا يخرج من لا شيء، ولا يعود إلى لا شيء، فقولهم يرتد عليهم، والمعرفة الحسية التي يعتمدون عليها كاذبة فإنها ترينا الوجود كثرة متغيرة، والحق الواضح في العقل أن الوجود واحد متجانس ثابت.
ج – ويتلخص برهانه على هذه القضية في الأقوال الآتية: كل ما يحدث فله مبدأ، وإذن كل ما لا يحدث فليس له مبدأ، وليس الوجود حادثًا وإلا كان حادثًا من اللاوجود وهذا خلف، وإذن ليس للوجود مبدأ، وما ليس له مبدأ فليس له نهاية، وإذن فليس للوجود مبدأ ولا نهاية فهو لا متناهٍ، واللامتناهي واحد فقط؛ إذ يمتنع أن يوجد شيء خارج اللامتناهي، وهو ساكن من حيث إنه لا يوجد مكان خارجه يتحرك إليه، وهو ثابت؛ لأنه إن تغير فقد باين نفسه ولم يعد واحدًا؛ وإذن فالوجود واحد لا متناهٍ ساكن ثابت.1.
د – وليس في هذه الأقوال من جديد سوى أن مليسوس يجعل الوجود
- ↑ انظر أرسطو: السماع الطبيعي م١ ف٣ ص١٨٦ ع ا س١٠–٢٢.