يسمعهم الكلمة التي تشفي المرض » على حد قوله هو، وزاد في احترام الناس له وتعلقهم به أنه كان يعطف على الشعب ويسعى لتحقيق المساواة، ويبذل ماله في الإحسان، فعرض عليه أن يتوج ملكًا على المدينة فأبى، وعاون على إقامة الديموقراطية ودافع عنها، ثم حدته الغيرة على الخير إلى الهجرة، فجاب أنحاء صقلية وإيطاليا الجنوبية وعبر البحر إلى المورة، وقضى هناك فيما يرجح.
ج – لم يحاول أنبادوقليس رد الأشياء إلى مادة أولى واحدة كما فعل الإيونيون ولكنه وضع أصولًا أربعة: الماء والهواء والنار والتراب، فكان أول من اعتبر التراب مبدأ، ولعل ثقل التراب هو الذي منع القدماء من اعتباره
كذلك، قال إن هذه الأربعة مبادئ على السواء ليس بينها أول ولا ثانٍ لا تتكون ولا تفسد فلا يخرج بعضها من بعض ولا يعود بعضها إلى بعض، لكل منها كيفية خاصة: الحار للنار والبارد للهواء والرطب للماء واليابس للتراب، فلا تحول بين الكيفيات، ولكن الأشياء وكيفياتها تحدث بانضمام هذه العناصر وانفصالها بمقادير مختلفة على نحو ما يخرج المصور بمزج الألوان صورًا شبيهة بالأشياء الحقيقية، وإنما تجتمع العناصر وتفترق بفعل قوتين كبريين يسميهما المحبة والكراهية،1 المحبة تضم الذرات المتشابهة عند التفرق، والكراهية تفصل بينها، ويتغلب كل منهما حينًا في الدور الواحد من أدوار العالم دون أن تستقر الغلبة للمحبة، فتسود الوحدة الساكنة، أو للكراهية فتسود الكثرة المضطربة، فيمر العالم بدور محبة تتخلله الكراهية وتحاول إفساده، ثم بدور كراهية تتخلله المحبة وتعمل على إصلاحه، فتارة ترجع الكثرة إلى الوحدة — وهي الكرة الأصلية الإلهية فيها العناصر جميعًا — وطورًا تنتقل الوحدة إلى الكثرة،&
- ↑ وفي الكتب العربية أيضًا: المحبة والغلبة، والمحبة والعدوان.