صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/57

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٥١–

وتتشابك بنتوآتها في مجاميع هي الموجودات، وإنما تختلف الموجودات باختلاف الجواهر المؤلفة لها شكلًا ومقدارًا ثم باختلاف الجواهر المتشابهة الشكل ترتيبًا ووضعًا بعضها من بعض: الترتيب مثل Λ Ν وΝ Λ والوضع مثل Ι وΗ أو Ζ وΝ1 بحيث يمكن القول: إن الأشياء هندسة وعدد، ولما تتكون المجاميع تكتسب الثقل والخفة، فالأثقل هو الأكبر حجمًا، والأقل خلاءً يستقر بسهولة في المركز ويتحرك ببطء، والأخف هو الأصغر حجمًا، والأكثر خلاء ينتثر بسهولة نحو محيط المجموع سواء أكان هذا المجموع عالمًا أو شيئًا جزئيًّا في العالم الواحد، وتكتسب سائر الكيفيات المحسوسة من لون وطعم وحرارة وغيرها، فإن هذه الكيفيات تابعة من ناحية لتركيب الأشياء ومسافتها ووضعها، ومن ناحية أخرى لتركيب الأشخاص وتغيرهم من حال إلى حال والشواهد كثيرة،2 لذلك يقول ديموقريطس: إنها «اصطلاح» أي نسبة حادثة بين الجواهر في الأشياء وفي الحواس، وإنها موضوع معرفة غامضة، أما الجواهر والخلاء فإنها موجودة حقًّا وهي الموضوع الوحيد للمعرفة الحقة.

د – والنفس مادية طبعًا مؤلفة من أدق الجواهر وأسرعها حركة من حيث إن النفس مبدأ الحركة في الأجسام الحية، ومثل هذه الجواهر هي المستديرة التي تؤلف النار ألطف المركبات وأكثرها تحركًا، فالنفس جسم ناري، وهذه الجواهر منتشرة في الهواء يدفعها إلى الأجسام فتتغلغل في البدن كله وتتجدد بالتنفس في كل آن، وما دام التنفس دامت الحياة والحركة،3 وهي أوفر عددًا في مراكز الإحساس والفكر؛ أي في أعضاء الحواس والقلب والكبد والمخ، فإنها تكتسب


  1. أرسطو: ما بعد الطبيعة: الموضع المتقدم.
  2. أرسطو: الكون والفساد م١ ف٢.
  3. أرسطو: كتاب النفس م١ ف٢ ص٤٠٣ ع ب إلى ص٤٠٤ ع١.