صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/69

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٦٣–

الفصل السادس

سقراط

٢٥ – حياته

أ – نحن نعلم أن سقراط ولد في أثينا وعلِّم فيها واتهم بالإلحاد وحكم عليه بالإعدام، ونعلم أنه أثار من الإعجاب والعداوة في آنٍ واحد ما لا يتفق إلا للرجال الممتازين، وأن أثره كان من القوة بحيث إن اسمه يشطر الفلسفة اليونانية شطرين: ما قبله، وما بعده، فإذا أردنا أن نصور شخصيته وأن نقيد آراءه — وهو لم يُعْنَ بالكتابة قط — اعترضنا تضارب الروايات وتباين المدارس الآخذة عنه،1 وأشهر الروايات ثلاث صادرة عن ثلاثة معاصرين هم: أرسطوفان وأفلاطون وأكسانوفون، أما الأول فشاعر هزلي يقوم فنه على الهزؤ والهجو، فليس من الحكمة أن نعول على كلامه، وسنعود إليه بعد قليل.

وأما أكسانوفون فلم يكن من أخصاء سقراط حكم عليه بالنفي ثلاثين سنة قبل محاكمة سقراط بسنتين، ولما عاد كان أفلاطون قد نشر مؤلفاته «السقراطية»،2 فشرع هو يكتب «مذكرات سقراط» واضعًا الأحاديث متأثرًا بناحية خاصة من نواحي الفيلسوف هي هذه البساطة المعروفة عنه، فغلا في تصويرها وأبلغها حد التبذل، فأخرج لنا صورة تافهة لا تفسر ما كان لسقراط من خطر، فلا يبقى سوى أفلاطون نلتمس عنده ترجمة لسقراط وهو تلميذه الأمين لزمه طوال السنين العشر الأخيرة، وعرف


  1. مدرسة أفلاطون (الباب الثاني) ومدارس «صغار السقراطيين» (الفصل الأول من الباب الرابع).
  2. انظر فيما بعد عدد (٢٩–ب)، و(٣٠–أ).