وعلى مسافة ساعة من تلك الاحراج الغضة « المشيتية » مزيرعة للموارنة فيها معبد صغير وعشرة بيوت ثم ياخذ منها صعد. مدى ساعة في طريق صخرية فتنكشف له « عينانا » وهي جامعة بين حقارة البنآء وجمال الطبيعة وخفة حال أهلها مع جودة المناخ كائنة على كتف واد تحف به الجبال الشاهقة والاحراج الكثيفة وتنساب فيه المياه يختلج فوقها الصفصاف و يسبح فيها ظل الجوز. واهل المكان يبلغون ٢٠٠ موارنة ولهم فيها معبد صغير وعلى مسافة خمس دقائق من عيناتا شمالاً نبعها العذب المتفجر بغزارة من لحف صخرة . وما بعده صعود بمعرجات عسرة الى قمة لبنان الاقرع. فما يفقده من جمال الطبيعة يستعاض عنه يضاحة المنظر وطلاقة المصدر و بعد مسير ساعة و٤٠دقيقة من عيناتا ينتهي اخيرا الى قمة « جبل الارز » وهناك من عام ٧٦٠٠ قدم عن سطح البحر بنبسط للناظر الى الشرق عند الحد الفاصل بين قضا بعلبك ولبنان سهل البقاع بما يروق العين من الانبتة والازهار ضاحكا عن باذخات الاشجار وفي عرضه بعلبك كالشامة الخضرآء في وجنة حمرآء حتى يتهيأ للفكر ان الجبلين المحدقين به گذراعي الطبيعة مدتهما لعناق تلك البقعة المخصبة . فانتيلبنان على يمينها شامخ بانفه الى العلآء وقد شيبت راسه العاديات يسخر من ضعف الزمان والزلازل والانوآء وكأنه يباهي في العظمة والاقتدار لبنان القوي الجبار المعتم بالثلوج الدائمة تمنطقه ادواح الغابات و بين أكماته وادي عيناتا المتحلي بالزمرد الاخضر وقد انسابت في عرضه السواقي متحدية كالصوارم ثم تنصب في بحيرة اليمونة التي تخالها في منتهاه كانها صفحة من لجين يموهها النور بالذهب للعين واذا التفت الى الغرب يقع بصره على « الارز » غاية محجته . هناك اشجار تخالها اقدم من الارض لشدة بسوقها وضخامة عروقها . تحنو عليها الجبال الباذخة المكتسية بالثلوج من كل ناحية ضنا بها ان تغتالها عاديات
صفحة:تاريخ بعلبك (1904).pdf/14
١٤