ويموت اسحق انقرضت دولة الملثمين . وكانت مدة ملكهم سبعين سنة ،وولي منهم أربعة : يوسف ، وعلي ، وتاشفين ، واسحق .ولما فتحها عبد المؤمن أقام بها واستوطنها واستقر بها ، وأمر بهدم الجامع الذي بناه يوسف بن تاشفين . وبنى بالقصر جامعاً كبيراً وزخرفه فأحسن عمله . ولقد أساء يوسف بن تاشفين في فعله بالمعتمد بن عباد وارتكب سجنه على الحالةالتي ذكرنا أقبح ارتكاب ، فلا جرم أن سلط الله سبحانه وتعالى على أعقابه من أربى عليه وزاد ، فتبارك الحي الدائم الملك الحق الذي لا يزول ملكه ، وهذه سنة الدنيا فأف لها تم أف ، نسأل الله تعالى أن يختم أعمالنا بالحسنى ، ويجعل خيرأيامنا يوم لقائه يجاه محمد وآله ولما استقر وأخذ بلاد بني حماد اجتمع العرب : بنو هلال ، والاتبج ،وعدي ، ورياح ، وزعب، وغيرهم من العرب من أرض طرابلس والمغرب ،وقالوا : ان جاوزنا عبد المؤمن أجلانا من المغرب ، وليس الرأي إلا لقاء الجد معه واخراجه من البلاد قبل أن يتمكن، وتحالفوا على التعاون والتضافر وألا يخون بعضهم بعضا، وعزموا على لقائه بالرجال والاهل والمال ليقاتلوا قتال الحريم ،واتصل الخير برجار الافرنجي صاحب صقلية ، فأرسل الى أمراء العرب وهم : محرز بن زياد ، وجبارة بن كامل ، وحسن بن ثعلب ، وعيسى بن حسن ، وغيرهم يجتهم على لقاء عبد المؤمن ويعرض عليهم أن يرسل اليهم خمسة آلاف فارس من الافرنج يقاتلون معهم على شرط أن يرسلوا اليه الرهائن ، فشكروه وقالوا: ما بنا من حاجة الى نجدته ولا نستعين بغير المسلمين ، وساروا في عدد لا يحصى وكان عبد المؤمن قد ارحل من بجاية إلى بلاد المغرب، فلما بلغه خيرهم جهز جيشاً من الموحدين يزيد عين الف فارس ، واستعمل عليهم عبد الله بن الهنتاتي، وسعد الله وكان العرب أضعافهم ، فاستخرجهم الموحدون.
صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/100
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٨٤
التذكار