استيلاء رجار على طرابلس ٤٩ من بني مطروح يدبرون أمورهم فظن أنهم لا يقدرون على شيء ، فسير اليها اسطولا فحاصرها أهله، وكان ذلك تاسع ذي الحجة ، فنازلوا البلد وقاتلوه ، وعلقوا الكلاليب في سوره وتقبوه حقى كادوا يأخذونه . فلما كان الغد نزل جماعة من العرب تجدة لأهل البلد فقوى بهم أهل البلد فخرجوا الى [ أهل ] الاسطول وحملوا عليهم حملة منكرة فأهزموا هزيمة فاحشة، وقتل منهم خلق كثير وملحق الباقون بالاسطول ، وتركوا الأسلحة والانتقال والدواب فنهبها العرب وأهل البلد ورجع الافرنج الى صقلية ونجهزوا وعادوا إلى المغرب فوصلوا الى جيجل ، فلما رآهم أهل البلد هربوا منهم الى البراري والجبال فدخلها الأفرنج وسبوا من أدركوا فيها وهدموها وأحرقوها وأحرقوا القصر الذي بناه یحیی بن عبد العزيز للتنزه وعاديا استيلاء جار على طرابلس ثم وجه لطرابلس أسطولا كبيراً في سنة احدى وأربعين وخمسمائة فاحاطوا بها برا و بحراً ثالث المحوم فخرج اليهم أهلها ونشب القتال ودامت الحرب بينهم ثلاثة أيام ، فلما كان الثالث مجمع الافرنج في البلد ضجة عظيمة وخلت الاسوار من المقاتلة
وكان سبب ذلك أن أهلها كانوا قبل وصول الافرنج بأيام يسيرة قد اختلفوا فاخرجت طائفة منهم بني مطروح وقدموا عليهم رجلا من الملثمين يريد الحج ومعه جماعة ولوه أمر هم ، فلما ناز لهم الافرنج اعادت الطائفة الأخرى بني مطروح فوقع الحرب بين الطائفتين، وخلت الاسوار ، فانتهز الافرنج الفرصة ونصبوا السلاليم وصعدوا السور فاشتد القتال وملكت المدينة عنوة بالسيف، فسفكوا دماء أهلها، وأخذوا نساءهم وأموالهم ، وهرب من قدر على الهرب ،