٥٦ التذكار الشريفين، وبا ان لما دخلها شمس الدولة بن أيوب سنة احدى عشرة وخمسمائة وطبق ذكره الأرض بعدله وحسن سيرته قال ابن الأثيرء و قد طالعت سير الملوك المتقدمين فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته ، ولا أكثر تجربا منه العدل وقد أتينا على كثير من ذلك في كتاب الباهر في أخبار دولتهم . ولنذكر هنا نبذة مختصرة لعل من يقف عليها ممن له حكم فيتقدي به فمن ذلك زهده وعبادته وعلمه ، فانه كان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرف . الا في الذى يخصه من ملك كان له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة ومن الأموال المرصدة المصالح المسلمين. ولقد شكت اليه زوجته من المضايقة فاعطاها ثلاثة دكاكين في حمص كانت له يحصل له منها في السنة نحو العشرين . ديناراً ، فلما استقلتها قال ليس فى الا هذا ، وجميع ما في يدي أنا فيه خازن للمسلمين ولا أخوتهم فيه ، ولا أخوض نار جهنم لاجلك، وكان يصلي كثيرا بالليل ، وله أوراد حسنة فكان. كما قيل : جمع الشجاعة والخشوع لربه ما أحسن المحراب في المحراب وكان عارفا بالفقه على مذهب أبي حنيفة ليس عنده فيه تعصب وسمع الحديث وأسمعه طلبا للاجر و أما عدله فانه لم يترك في بلاده على سعتها مكا ولا عشراً ، بل أطلقها جميعها في مصر والشام والجزيرة والموصل . وكان يعظم الشريعة ويقف عند أحكامها ، وأحضره انسان في مجلس الحكم قضى منه اليه، وأرسل الى القاضي كمال الدين بن الشهر زوري يقول : قد جئت محاكما، فاسلك معي ما تسلك مع الخصوم فظهر الحق له ، فوهبه الخصم الذي أحضره وقال : أردت أن أترك له ما يدعيه
صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/72
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥٦
التذكار