صفحة:حرب في الكنائس.pdf/34

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٣٦
حرب في الكنائس

«واعبد مع الملك الإله أرجوان الجسد، لا كوشاح ولا كإقنوم رابع، وإنما كمظهر للإله… وهكذا فإني أصور الإله غير المنظور لا كإله غير منظور وإنما كإله صار منظوراً لأجلنا»1. ولا يخفى أن يوحنا أشار بالتعبيرين «الوشاح والأقنوم الرابع» إلى هرطقتي اليعاقبة والنساطرة.

وأحب قسطنطين الخامس أن يجادل المعلمين ويناقشهم على مستوى أئمتهم فاتجه في تفكيره، فيما يظهر، اتجاه أبوليناريوس اللاذقي في نزاعه مع من قال بالطبيعتين. والإشارة هنا إلى ما جاء في كتاب الأنكفاليوسيس Anacephalaeosis حيث قال أبوليناريوس: «وهل نعبد أيضاً ناسوت المسيح أو لا؟ فإذا كنا لا نعبده فلماذا نقول أن الناسوت اتحد باللاهوت ولماذا نعتمد بموته؟ وإذا كنا نعبد الإنسان كما نعبد الله فنكون قد ألحدنا في مساواة الخالق بالمخلوق»2. وبعبارة أخرى فإن أبوليناريوس احتج على اخصامه بالقول أن الاعتراف بالطبيعتين على طريقتهم يؤدي إما إلى عدم اتحاد الطبيعتين أو إلى عبادة طبيعة المسيح البشرية. وكان يوحنا الدمشقي قد عالج هذه البدعة في كتابه الإيمان بقوله: وأولئك الذين يدعون أنه إذا كان للمسيح طبيعتان فاما أن نعبد المخلوق مع الخالق أو أن نعبد طبيعة واحدة من الاثنتين»3. فتبنى قسطنطين الخامس هذه الحجة واستبدل الإشارة فيها إلى الطبيعة البشرية بتصوير الناسوت فقال إن من يصور المسيح يرتكب واحدة من اثنتين إما القول بانفصال الطبيعتين وإما نسبة خصائص الطبيعة البشرية إلى الطبيعة الإلهية - وحدد الصورة الحقيقية فأوجب أن تكون من نفس جوهر المصور وخلص إلى القول بأن المسيح صورة واحدة فقط هي الخبز والخمر جسده ودمه. ووصم من صوَّر جسد المسيح وأكرم صورته بالقول بأقنوم رابع وبالخروج على مقررات المجامع وبالقول بإمكانية حصر الله والإحاطة به وهو خروج وإلحاد. وأضاف: «وهكذا فإن أخصامي هم إما نساطرة وإما يعاقبة!»4 ويرى بعض العلماء أن قسطنطين جاري اليعاقبة ولكنه لم يجهر بقولهم. ودليلهم على ميله إلى القول بالطبيعة الواحدة أنه آثر اللفظ Prosopon «الوجه» على اللفظ upostasis «الأقنوم» والعبــارة ex duo phuseon «من طبيعتين»، على العبارة en duo phusesin «في طبيعتين» 5. ويرى هؤلاء العلماء في تبجيل ميخائيل السرياني لقسطنطين دليلاً آخر على جنوحه نحو اليعاقبة.


  1. Patr. Gr., Vol. 94, Col. 1236; De Fide Orthodoxa, III, 8; P.G., Vol. 94, Col.1013-1016.
  2. LIETZMANN, Ed., Apollinaris von Laodicea und seine Schule, I, 28, 245.
  3. De Fide Orthodoxa, III, 8; P.G., Vol. 94, Col. 1105.
  4. OSTROGORSKY, G., Studien zur Gesch. des Byz. Bilderstreits, 8-40; ALEXANDER, P., Patriarch Nicephorus, Ecc. Policy and Image Worship in the Byz. Emp., Oxford, 1958, 48-53.
  5. OSTROGORSKY, G., op. cit., 19, 25-26.