صفحة:داعي السماء.pdf/63

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
داعي السماء


وأي عذاب ذلك العذاب؟ حسبنا أن نعلم أن رفقاء بلال جميعًا قبلوا ما سامهم المشركون أن ينسبوا به — ومنهم عمار بن ياسر — لنعلم أنه كان عذابًا يفوق طاقة الإنسان. إن عمارًا لم يكن يهاب الموت في هرمه، ولكنه ضاق — في صباه — بذلك العذاب الأليم. كان يجاهد مع علي رضي الله عنه وقد أناف على التسعين، وقد شهد المغازي في عهد النبي وعهود الخلفاء، وكان عليه السلام يقول: «إن عمارًا ملئ إيمانًا إلى مشاشه.» ويجعله قدوة للمسلمين في الهداية، فيوصيهم أن يقتدوا بأبي بكر وعمر وأن يهتدوا بهدي عمار. وهو أيضًا لم يجذبه إلى الإيمان طلب راحة وطمع في حسن معاملة؛ لأنه كان يرى طريق الراحة والغنيمة مع معاوية وينضوي إلى جانب علي ليموت تحت لوائه في صفين، وما كان علي لو انتصر بمغدق عليه مالًا، ولا بمطمعه في عيش أرغد من عيشه، وهو عيش الكفاف. وقد كان عمار رضي الله عنه ممن يصدق عليهم القول بأنه قد وهب عبقرية الإيمان. لأن إيمانه كان ذلك الإيمان الخالص الذي يوصف بأنه الإيمان حبًّا للإيمان. لا حبًّا بما وراءه من رضى أو جزاء. وآية المؤمن الموهوب أنه لا يرضى العيش بغير العقيدة ولا يطيب له البقاء وهو مخالف لما يعتقد. فيقبل على الموت كراهة للبقاء في دنيا لا تواتيه على اعتقاده. وليس يقبل على الموت طلبًا للجنة كما يقول، فإن من المؤمنين بالعقائد المادية كما أسلفنا من يموت في سبيلها ولا أمل له في حياة بعد الحياة، وإن الجنة لحبيبة إلى كل إنسان يصدق بها. فليس الفرق بين رجل يجاهد ورجل لا يجاهد أن هذا يكره الجنة التي يحبها ذاك، وإنما الفرق بينهما هو قوة الإيمان أو هبة العقيدة، وهي قد كانت في عمار على أقوى ما تكون في إنسان. ومع هذا خف الموت على نفس عمار فسعى إلى لقائه عشرات المرات منذ غزا مع النبي إلى أن نيَّف على التسعين ومات تحت لواء علي بمعركة صفين، ولكنه ثقل عليه ذلك العذاب الأليم الذي صبر عليه «بلال» وظل صابرًا عليه بغير أمل في الخلاص القريب. وكل طمع في حسن المعاملة يزول ويبطل في مثل ذلك العذاب الذي ضاقت به طاقة عمار. نعم يزول aوأي عذاب ذلك العذاب؟ حسبنا أن نعلم أن رفقاء بلال جميعًا قبلوا ما سامهم المشركون أن ينسبوا به — ومنهم عمار بن ياسر — لنعلم أنه كان عذابًا يفوق طاقة الإنسان. إن عمارًا لم يكن يهاب الموت في هرمه، ولكنه ضاق — في صباه — بذلك العذاب الأليم. كان يجاهد مع علي رضي لله عنه وقد أناف على التسعين، وقد شهد المغازي في «. إن عمارًا ملئ إيمانًا إلى مشاشه » : عهد النبي وعهود الخلفاء، وكان عليه السلام يقول ويجعله قدوة للمسلمين في الهداية، فيوصيهم أن يقتدوا بأبي بكر وعمر وأن يهتدوا بهدي عمار. وهو أيضًا لم يجذبه إلى الإيمان طلب راحة وطمع في حسن معاملة؛ لأنه كان يرى طريق الراحة والغنيمة مع معاوية وينضوي إلى جانب علي ليموت تحت لوائه في صفين، وما كان علي لو انتصربمغدق عليه مالًا، ولا بمطمعه في عيش أرغد من عيشه، وهو عيش الكفاف.

وقد كان عمار رضي لله عنه ممن يصدق عليهم القول بأنه قد وهب عبقرية الإيمان. لأن إيمانه كان ذلك الإيمان الخالص الذي يوصف بأنه الإيمان حبٍّا للإيمان. لا حبٍّا بما وراءه من رضى أو جزاء. وآية المؤمن الموهوب أنه لا يرضى العيش بغير العقيدة ولا يطيب له البقاء وهو مخالف لما يعتقد. فيقبل على الموت كراهة للبقاء في دنيا لا تواتيه على اعتقاده. وليس يقبل على الموت طلبًا للجنة كما يقول، فإن من المؤمنين بالعقائد المادية كما أسلفنا من يموت في سبيلها ولا أمل له في حياة بعد الحياة، وإن الجنة لحبيبة إلى كل إنسان يصدق بها. فليس الفرق بين رجل يجاهد ورجل لا يجاهد أن هذا يكره الجنة التي يحبها ذاك، وإنما الفرق بينهما هو قوة الإيمان أو هبة العقيدة، وهي قد كانت في عمار على أقوى ما تكون في إنسان. ومع هذا خف الموت على نفس عمار فسعى إلى لقائه عشرات المرات منذ غزا مع النبي إلى أن نيَّف على التسعين ومات تحت لواء علي بمعركة صفين، ولكنه ثقل عليه ذلك وظل صابرًا عليه بغير أمل في الخلاصالقريب. « بلال » العذاب الأليم الذي صبر عليه وكل طمع في حسن المعاملة يزول ويبطل في مثل ذلك العذاب الذي ضاقت به طاقة عمار.

نعم يزول ويبطل لولا إيمان يهون معه الموت ويهون معه العذاب، ويهون معه سوء المعاملة وحسنها على السواء. ويبطل لولا إيمان يهون معه الموت ويهون معه العذاب، ويهون معه سوء المعاملة وحسنها على السواء.

62