صفحة:داعي السماء.pdf/66

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.


صفات بلال


 
 

كان بلال رجلًا على سواء الفطرة.

وآية ذلك أنه كان كما ينبغي أن يكون كل رجل قوي الطبع من بني جلدته وفي مثل نشأته، يمر بالحوادث التي مرَّ بها ويمارس التجارب التي مارسها.

وقد تقدم في صفات الموالي الأفريقيين أنهم ينقمون الإساءة على المسيء ويحفظون الحسنة لمن يحسن إليهم ويملكهم بمهابته وطيب سجاياه.

وهكذا كان بلال رضي الله عنه في مجمل صفاته: كان متصفًا بأجمل صفات بني جلدته: وهي الأمانة والطاعة والولاء والصدق مع الولاء، وكانت فيه مع ذلك قسوة وعناد في موضع القسوة والعناد، ولكنه لم يكن بالمبتدئ في قسوته ولا بالمكابر في عناده. إنما كان لقسوته عذر أو سبب، وكان لعناده فضل الإصرار على الإيمان بالصواب.

قال ابن الرومي:

إذا الأرض أدَّت ريعَ ماأنت زارعٌ
من البذر فيها فهي ناهيك من أرضِ
ولا عيبَ أن تُجزي القروضَ بمثلها
بل العيبُ أن تدَّانَ دَيْنًا فلا تقضي

فالذين أساءوا إلى بلال كانوا لا يحمدون أثر الإساءة فيه، وكانوا يطلبون منه الرضا حيث أسلفوا له المساءة، فلا يجدون الرضا حيث طلبوه؛ فإذا بهم ينحلونه صفاتهم ويعيبونه بمساءتهم، وينكرون صحبته كما ينكر صحبتهم. ومن ذاك أنَّ مشتريًا أراد أن يساوم فيه سيدته «قبل أن يفوتها خيره وتحرم ثمرته» فقالت له متعجبة: وما تصنع به؟ إنه خبيث … وإنه. وإنه إلى آخر ما وصفت به سخطه على سوء المعاملة وسوء العشرة.