صفحة:داعي السماء.pdf/98

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.


تعقيب


 
 

من الصفحات التي مرت بنا — مترجمة من الإنجليزية عن الكاتب الألمعي لفكاديوهيرن — يتبين للقارئ منزعه الأدبي في الكتابة والتصوير. وهو على الأغلب منزع الخيال والمجاز والعطف على الحياة الشرقية التي تمتزج بتواريخ الروحيات والدينيات على الإجمال، وهو مع تحقيقه في مراجعة المصادر التي اعتمد عليها لم يخل من هفوة هنا أو هناك لا يعيبها سوء النية الذي تشف عنه أقوال الكثيرين من المستشرقين، وإنما يوقعه في الخطأ حب المجاز أو الاسترسال في صقل موضوعه وتجميل صورته، فلا يستغني هذا المقال الممتع الذي حيا به ذكرى المؤذن الأول عن تعقيب نصحح فيه من مقاله ما يحتاج إلى التصحيح أو الاستدراك.

بلال رضي لله وليس له عقب، كما ورد في « عقب » فمن هفواته العرضية إشارته إلى ابن هشام نصٍّا، وكما يفهم من السكوت عن ذكر بنين له أو بنات في كل ما قرأناه عنه.

ومن هذه الهفوات العرضية اعتقاده أن أبا رويحة كان أخًا لبلال من أبويه أو من أحدهما، وهو على أرجح الأقوال أخوه في الإسلام على سنة المؤاخاة التي كان النبي (صلوات لله وسلامه عليه) يعقدها بين الصحابة من أنصار ومهاجرين.

غير أن هفوته الظاهرة هي مذهبه في تعليل كثرة المغنين والمغنيات بين الموالي في بلاد العرب وقلتهم بين أبناء البلاد الأصلاء، فإنه يجنح في كلامه إلى تعليل هذه الكثرة بنقص في الأداة الصوتية، أو في القدرة الفنية عند العربي الأصيل، وأن الموالي والجواري من السود والأحباش سلموا من هذا النقص فكثر اشتغالهم بفن الغناء في الحجاز ثم في غيره من الأقطار الإسلامية.

وظاهر أن هذا التعليل بعيد من الصواب؛ لأننا نسمع العرب اليوم في حديثهم وندائهم كما سُمعوا قبل الإسلام فلا نجدهم قاصرين في الجملة عن أداء صوت من