صفحة:ذو النورين عثمان بن عفان (المكتبة العصرية).pdf/30

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والذين يقرءون فاجعة عثمان ويلمون بالتاريخ يسبق إلى خيالهم ما قرءوه عن مصارع رؤساء الدول في إبان 1 الثورات والفتن القومية: كالثورة الإنجليزية مع شارل الأول، والثورة الفرنسية مع لويس السادس عشر، وغيرهما من الثورات في العالم القديم والعالم الجديد.

ومتى سبقت إلى خيالهم هذه الصورة، حسبوا أن الثورة التي أفضت 2 إلى مقتل رئيس الدولة في الأمتين كالثورة التي أفضت إلى مقتل رئيس الدولة الإسلامية في صدر الإسلام، وبينهما في الواقع فارق بعيد أبعد من فارق الزمان والمكان.

إن الثورة التي أطاحت بشارل الأول قد اجتمعت فيها قوة الأمة بأسرها على وجه التقريب أمام العرش وأنصاره من النبلاء، وقد كانت هناك حرب وهزيمة غَلَبت فيها إحدى القوتين، وانهزمت فيها القوة الأخرى.

وهكذا حدث في الثورة الفرنسية التي طاحت بلويس السادس عشر، وهكذا حدث في ثورات كهذه بالقارة الأمريكية والعالم القديم.

أما مقتل عثمان عليه الرضوان فلم تكن فيه حرب بين قوة الدولة وقوة الأمة، ولم تتقابل فيه قوى الحكومات الإسلامية وقوى الأمم في البلاد العربية وغير العربية، وغاية ما يوصف به أنه «حادثة محلية» قد تتم على أثر مشاغبة جامحة من مشاغبات الدهماء، وقد يستطيعها ابن السوداء ومَنْ هو أقل من ابن السوداء ..

وعلى سبيل الإيجاز الذي يُغنينا عن الإسهاب في المقارنة والمناقشة نقول: إن عثمان —رضي الله عنه— ما كان ليقتل لو كانت داره محروسة حراسة الدور التي يقيم فيها ولاة الأمور، إن هذه الجمهرة التي اقتحمت داره واجترأت 3 عليه بالسلاح ما كانت لتقتل واليًا من ولاته — كمعاوية بن أبي سفيان في الشام مثلًا — لو أنها هجمت على داره بين حرسه وأجناده، فلا محل هنا للموازنة بين قوى الدولة وقوى المشاغبة أو الفتنة، ولا محل


  1. أبان : وقت
  2. اي أدت وانتهت
  3. أي تجرأت
۳۱