صفحة:صفحة جديدة من تاريخ الثورة الدرزية 1834 - 1838.pdf/3

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٧٧
صفحة جديدة من تاريخ الثورة الدرزية

الحكومة المصرية في الأقطار الشامية. وقد نشرت تقريراً ضافياً رفعته إلى جلالة الملك الراحل عن أسباب الحملة المصرية على بر الشام كما تظهر في هذه الأوراق. وأنجزت منذ أسبوع تقريراً آخر سأرفعه إلى أعتاب حضرة صاحب الجلالة المليك المعظم فاروق الأول عنوانه «محفوظات عـابدين الملكية والثورة بفلسطين عام ١٨٣٤»، وفي أثناء إقامتي في مصر، في العام الفائت، وجدت عدداً لا يستهان به من الأوراق السرية التي تتعلق بأخبار الثورة الدرزية على إبراهيم باشا وحكومته في هذه البلاد. فأحببت أن أنشر بعضها على صفحات مجلة «المشرق»، وأعلق عليها تعميماً لفائدتها، وإظهاراً لبعض محتوياتها المجهولة، ولا سيما ما يتعلق منها ببعض أسباب الثورة المشار إليها.

ويجدر بنا، قبل أن ننشر نص هذه الأوراق السرية أن نأتي على ذكر أسباب الثورة الدرزية كما عرفها المؤرخون حتى هذه الساعة. قال صديقي المرحوم سليمان بك أبو عز الدين، وهو آخر من عني بالثورة الدرزية ما خلاصته:

«كثيرون من السوريين أملوا الخبر من وراء تغلب حملة إبراهيم باشا على بلادهم لأن من مزايا حكومة محمد علي العمل على إقرار الأمن في البلاد وإنقاذها من الفوضى التي جعلت أرواح العباد وأموالهم تحت رحمة الأقوياء والأشداء كما أن إبراهيم باشا كان قد وعد السوريين بأنه سيعفيهم من التجنيد ويخفض الضرائب ولا يكلفهم سوى دفع الأموال الأميرية. والأموال الأميرية لم تكن عبئًا ثقيلاً عليهم في عهد الحكومة العثمانية إلا لما كان يرافقها من سوء المعاملة في التحصيل وابتراز المبالغ الإضافية بحجج مختلفة. وكان إبراهيم باشا قد حقق بعض الآمال على إثر احتلال سوريا والشروع في إدارة أحكامها فخفف عنهم الأثقال المالية وأخـذ ينشط الزراعة والتجارة، فبدأ القوم يشعرون بالطمأنينة والرخاء وبالإخلاص للحكومة الجديدة غير أن زمن الغناء والرخاء لم يطل. فقد ذكرنا في فصل سابق أن من أهم الأسباب التي حملت محمد علي باشا على الطرح إلى الاستيلاء على سوريا هو رغبته بالانتفاع بما فيها من مال ورجال ولذلك لم ينقض زمن طويل على إمضاء معاهدة كوتاهية وعلى الخطة الحكيمة التي كان إبراهيم باشا قد انتهجها في إدارة البلاد السورية حتى وردت عليه أوامر والده قاضية على آمال السوريين موجبة عليهم الخضوع للسياسة العسكرية والاقتصادية التي جرى عليها في القطر المصري. فالأوامر التي أصدرها محمد علي إلى ولده إبراهيم باشا في أوائل سنة ١٨٣٦ أوجبت إجراء ما يلي:

١ - احتكار الحرير في البلاد السورية