صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/17

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وكانت وقعة الخندق فخرج عمرو مقنعًا في الحديد ينادي جيش المسلمين: من يبارز … فصاح علي: أنا له يا نبي الله … قال النبي وبه إشفاق عليه: إنه عمرو، اجلس، ثم عاد عمرو ينادي: ألا رجل يبرز؟ … وجعل يؤنبهم قائلًا: أين جنتكم التي زعمتم أنكم داخلوها إن قتلتم؟ … أفلا تبرزون إليَّ رجلًا؟ … فقام علي مرةً بعد مرة وهو يقول: أنا له يا رسول الله، ورسول الله يقول له مرةً بعد مرة: اجلس، إنه عمرو، وهو يجيبه: وإن كان عمرًا … حتى أذن له فمشى إليه فرحًا بهذا الإذن الممنوع كأنه الإذن بالخلاص … ثم نظر إليه عمرو فاستصغره وأنف أن يناجزه وأقبل يسأله: من أنت؟ … قال ولم يزد: أنا عليٌّ، قال: ابن عبد مناف؟ … قال: ابن أبي طالب، فأقبل عمرو عليه يقول: يا ابن أخي … من أعمامك من هو أسن، وإني أكره أن أهريق دمك، فقال له عليٌّ: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك، فغضب عمرو وأهوى إليه بسيفٍ كان كما قال واصفوه كأنه شعلة نار، واستقبل علي الضربة بدرقته فقدَّها السيف وأصاب رأسه، ثم ضربه عليٌّ على حبل عائقه فسقط ونهض، وسقط ونهض، وثار الغبار، فما انجلى إلا عن عمرو صريعًا وعلي يجأر بالتكبير.

وكأنما كانت شجاعته هذه القضاء الحتم الذي لا يؤسى على مصابه؛ لأنه أحجى المصائب، وأقلها معابةً ألا يدفع، فكانت أخت عمرو بن ود