صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/19

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وعلم أن جنود الخوارج يفارقون عسكره ليحاربوه، وقيل له: إنهم خارجون عليك فبادرهم قبل أن يبادروك، فقال: «لا أقاتلهم حتى يقاتلوني، وسيفعلون …!»

وكذلك فعل قبل وقعة الجمل، وقبل وقعة صِفين، وقبل كل وقعة صغرت أو كبرت ووضح فيها عداء العدو أو غمض: يدعوهم إلى السلم وينهى رجاله عن المبادأة بالشر، فما رفع يده بالسيف قط إلا وقد بسطها قبل ذلك للسلام.

كان يعظ قومًا فبهرت عظته بعض الخوارج الذين يكفرونه، فصاح معجبًا إعجاب الكاره الذي لا يملك بغضه ولا إعجابه: قاتله الله كافرًا ما أفقهه … فوثب أتباعه ليقتلوه، فنهاهم عنه، وهو يقول: إنما هو سبٌّ بسب أو عفوٌ عن ذنب.

وقد رأينا أنه كان يقول لعمرو بن وُد: إني لا أكره أن أهريق دمك … ولكنه على هذا لم يرغب في إهراق دمه إلا بعد يأس من إسلامه ومن تركه حرب المسلمين … فعرض عليه أن يكف عن القتال فأنف، وقال: إذن تتحدث العرب بفراري، وناشده: يا عمرو، إنك كنت تعاهد قومك ألا يدعوك رجل من قريش إلى خلتين إلا أخذت منه إحداهما، قال: أجل، قال: فإني أدعوك إلى الإسلام أو إلى النزال، قال: ولمَ يا ابن أخي؟ … فوالله ما أحب أن أقتلك … فلم يكن له بدٌّ بعد ذلك من إحدى اثنتين: أن يقتله أو يقتل على يديه.