صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/26

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولا يعرف كيف يخاف، ولا يعرف إلا الشجاعة التي هو ممتلئ بها واثق فيها في غير كلفة ولا اكتراث.

وتمكنت هذه الثقة فيه لطول مراس الفروسية، التي هي كما أسلفنا جزء منها وأداة من أدواتها.

وزادها تمكينًا حسد الحاسدين ولجاجة المنكرين، وكلاهما خليق أن يعتصم المرء منه بثقة لا تنخذل، وأنفةٍ لا تلين، فمن شواهد هذه الثقة بنفسه أنه حملها من ميدان الشجاعة إلى ميدان العلم والرأي حين كان يقول: «اسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألوني في شيءٍ فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئةٍ تهدي مائة وتضل مائة إلا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها ومحط رحالها.»

ومن شواهدها أنه كان يقول والخارجون عليه يرجمونه بالمروق: «ما أعرف أحدًا من هذه الأمة عبد الله بعد نبينا غيري، عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة تسع سنين.»

وزاده اتهام من حوله معتصمًا بالثقة بنفسه، فلما عتب عليه خصماه طلحة والزبير أنه ترك مشورتهما قال: «نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا وأمرنا بالحكم به فاتبعته، وما استن النبي صلى الله عليه وسلم فاقتديته، فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما ولا رأي غيركما، ولا وقع حكم