صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/119

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–١٢١–

الا أن المرء قد يجلس للحكم بين النامی کا جلس عمر ولا يحسن الوصية فيه كما أحسنها ، وانما بلاغ حسن الوصية أن الخصلتين اللتين اجتمعتا في وصاياه لقضاته فما من أحد يستطيع أن يوصي قاضيا بخير مما أوصى ، وما من عقدة قضائية تأتي من قبل القضاة أو من قبل التقاضين إلا وهي ملحوظة في كلامه ، وهاتان هما الخصلتان الباديتان في دستور القضاء كما أملاه

***

ولا بد أن يلفت النظر في سياسته للولاية وسياسته للقضاء أنه كان يأخذ بالواجب حيث وجب ، وان اختلف الواجبان..

ففي الولاية كان يتحرى البواطن ، ويمعن في تحريها ، ولا يكتفي من الناس بالظواهر ..

وفي القضاء وما شابه القضاء كان يكتفي بالظواهر حتى تنقضها البينه القاطعة ، وكان يعلن هذه الخطة على المنبر فيقول : « أظهروا لنا حسن أخلاقكم والله أعلم بالسرائر ، فان أظهر لنا قبيحا وزعم أن سريرته حسنة لم نصدقه ، ومن أظهر لنا علانية حسنة ظننا به حسنا ، أو يقول : « انما كنا نعرفكم اذ الوحي ينزل ، واذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، فقد رفع الوحي . وذهب النبي صلى الله عليه وسلم ، فانما أعرفكم بما أقول لكم . الا فمن أظهر لنا خيرا ظننا به خيرا وأثنينا عليه . ومن أظهر لنا شرا ظننا به شرا وأبغضناه »

بل كان له في الأخلاق الاجتماعية مذهب ثالث يشبه مذهبه في القضاء ، فكان يكره أن يكشف المرء من أخيه ما يستره عنه وينهي أن تظن بكلمة شرا وأنت تجد لها في الخير محملا

وهذه في الظاهر نقائص ، وفي الحقيقة واجبات متعددة كل منها في موضعه لازم ..

فالعلم بخبايا الحكومة واجب على كل ولی مسئول ، لا تنصلح

الأحوال بغيره ، وفي الغفلة عنه مضرة محققة لجميع الناس


۸ - عبقرية عمر