صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/154

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۰۹ الأدوائها 1 6 الفارق فيما نرى هو الفارق بين انسان عظیم ورجل عظيم فالنبي لايكون رجلا عظيما وكفي ، بل لابد أن يكون انسانا عظيما فيه كل خصائص الانسانية الشاملة التي تعم الرجولة والأنوثة والأقوياء والضعفاء ، وتهيئه للفهم عن كل جانب من جوانب بنی آدم . فيكون عارفا بها وان لم يكن متصفا بها ، قادرا على علاجها وان لم يكن معرضا " شاملا لها بعطفه وان كان ينكرها بفكره وروحه . لأنه أكبر أن يلقاها لقاء الأنداد ، وأعذر من أن يلقاها لقاء القضاة ، وأخبر بسعة آفاق الدنيا التي تتسع لكل شيء بين الأرض والسماء ، لأنه يملك مثلها آفاقا كافاقها ، هي آفاق الروح ومن الصغائر الآدمية التي كثيرا ما يطيقها الانسان العظيم ، ويبرم بها الرجل العظيم كل غرور صبياني يحي بنفوس الناس ، وهو ضروب ليست لها نهاية . غرور الشاعر بأماديحه ، وغرور الفنان بصنعته ، وغرور المرأة بجمالها ، وغرور الشيخ بتراثه ، وغرور الأحمق بخيلائه ، وغرور الجاهل بعلمه وفي كل ضرب من هذه الضروب كان بين محمد وعمر فارق واضح و تفاوت محسوس، وكانت بينهما دروس تجري بها الحوادث تعليما وهدي كما تجرى عرضا غير ظاهر فيه قصد التعليم والتلقين وعمر رضي الله عنه قد استفاد من دروس معلمه وهاديه في هذه الضروب شتى الفوائد ، كما ظهر من سياسته في أيام خلافته ومن مراجعة نفسه والنبي عليه السلام بقيد الحياة فقد أشار على النبي بقتل عبد الله بن أبي بن سلول حين مشي بالفتنة بين المسلمين . فأبى النبي وترك عبد الله يمضي في شططه حتی أنكره قومه وعنفوه ، وتصدی صلبه من يريد له الموت ، فقال النبي لعمر من شأنهم : كيف ترى یا عمر .. أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له أنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته ، قال عمر : قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة أمري وكان عمر يستكثر صلاة النبي على عبد الله بن أبي بعد موته (1) أي لامراضها (۲) جمع ند ، وهو : المثل والنظير (۳) حالك الشيء في صدري : رسخ (4) : مجاوزة القدر في كل شيء من حين بلغه ذلك 6 من .