صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/16

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

{يمين|–١٨–}}

{ به في بيئتهم، ولكنها لا تطلب منهم ما يُذكرون به في أقطار العالم البعيد.

وقد كان عمرُ قويَّ النفس، بالغًا في القوة النفسية .. ولكنه على قوَّته البالغة لم يكن من أصحاب الطمع والاقتحام، ولم يكن ممن يندفعون إلى الغلبة والتوسع في الجاه والسلطان ، بغير دافع يحفزه إليه وهو كاره؛ لأنه كان مفطورًا على العدل، وإعطاء الحقوق، والتزام الحرمات ما التزمها الناس من حوله ، وكان من الجائز أن يهيجه خطر على قبيلته أو على الحجاز ومحارمه المقدسة في الجاهلية؛ فينبري لدفعه، ويبلي في ذلك بلاء يتسامع به العرب في جيله وبعد جيله، ولكنه لا يعدو ذلك النطاق، ولا هو يبالي أن يمعن في بلائه حتى يعدوه.

بل كان من الجائز غير هذا وعلى نقيضه..

كان من الجائز أن تفسدَ تلك القوة بمعاقرة الخمر والانصراف إليها؛ فإنه كان في الجاهلية — كما قال — «صاحبَ خمرٍ يشربها ويحبها» وهي موبقة،٣ لا تؤمَن حتى على الأقوياء إذا أدمنوها، ولم يجدوا من زواجر الدين أو الحوادث ما يصرفهم عنها، ويكفهم عن الإفراط في معاطاتها.

فعمرُ بن الخطاب الذي عرفه تاريخ العالم وليد الدعوة المحمدية دون سواها، بها عُرِف، وبغيرها لم يكن ليعرف في غير الحجاز أو الجزيرة العربية..

أما القدرة الأخرى التي يمتاز بها العظيم الذي خُلق لتوجيه العظماء، فقد أبان عنها النبي — عليه السلام — في كل علاقة بينه وبين عُمرَ من اللحظة الأولى؛ أي من اللحظة التي سأل الله فيها أن يعز به الإسلام، إلى اللحظة التي ندب فيها أبا بكر للصلاة بالناس وهو — عليه السلام — في مرض الوفاة.

سبر غوره، واستكنه عظمته، وعرفه في أصلح مواقفه؛ فعرف الموقف الذي يتقدم فيه على غيره، والموقف الذي هو أولى بتقديم غيره عليه.

وليست هي مفاضلة بين رجلين ولا موازنة بين قدرتين..

ولكنها مسألة التوفيق بين الرجل والموضع الذي ينبغي أن يوضع ۱) الفطرة : الخلقة التي خلق عليها (۲) انبرى له : اعترض له . (۳) يتخطى ويتجاوز 0 (4) مهلكة ۰ (۰) موانع ونواهي : (6) امتحن عمق جرحه ، والمراد : مكنوناته . (۷) بلغ غايتها من