صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/191

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.


ثقافة عمر


اذا تكلمنا ثقافة عمر بلغة العصر الحاضر جاز لنا أن نقول: انه كان رجلا وافر الحظ من ثقافة زمانه ، وانه كان أديا مؤرخا فقيها ، مشارکا في سائر الفنون ، مدربا على الرياضة البدنية، خطيا مطبوعا على الكلام ، فليس أرجح من نصيبه في ثقافة زمانه نصيب . ظل في اسلامه كما كان في جاهليته عظيم الشعف بالشعر والأمثال والطرف الأدبية ، بل ظل كذلك بعد قيامه بالحرية واشتغاله بجلائلها ودقائقها التي لا تدع وقته فراغا لغيرها ، فكان يروي الشعر ويتمثل به ويحث على رواته ويعتدها من تمام المروءة والمعرفة كما قال لابنه عبد الرحمن : « يا بني انسب نفسك تصل رحمك و احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك ، فان من لم يعرف نسبه لم يصل رحمه . ومن لم حفظ محاسن الشعر لم يؤد حقا ولم يقترف أديا » وقال للمسلمين عامة : « ارووا الأشعار فانها تدل على الأخلاق . ونظر الى فائدته العملية كما نظر الى متعته الأدبية ، فقال فيه انه جذل من كلام العرب يسكن به الغيظ وتطفأ به الثائرة ويبلغ به القوم في ناديهم وتعطى به السائل . وكانت متعته بطرائف الأدب من متع الحياة التي لا يبالي الموت لو نصيبه منها ، فكان يقول : « لولا أن أسير في سبيل الله ، وأضع جبهتي ، وأجالس اقواما ينتقون أطايب الحديث كما ينتقون أطايب الثمر لم أبال أن أكون قد مت ، واذا اقترنت العبادة باستطراف الحديث المهذب عند عمر ما يبلغه فضل الأدب عنده من ثناء و تقریظ وقد كان اعظام الرجل في عينيه بمقدار حذقة للحديث وقدرته على (1) أي كثير (1) أي بلغ شفافه ، وهو : غلاف قلبه . (۳) أي الطرائف (4) أصل الشجرة وغيرها (5) مدح الانسان وهو بحق أو باطل . (6) أي مهارته واجادته . فذلك غاية .