صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/195

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۹۷ . ولا يضيرهم الا يكثر لهم ، ولا يزال يذكرهم أن التفقه مقدم على السيادة فتفقهوا قبل أن تسودوا » ولم يقصر نصائحه على علم الدين وحده ولا علم الأدب واللغة وحده ، بل تناول كل ما عرف من معارف زمانه فقال : « تعلموا من النجوم ما يدلكم على سبيلكم في البر والبحر ولا تزيدوا عليه » ولا شك أن نصائحه العملية في طلب العلم كانت أغلب من تاجه النظرية فيه .شأنه في ذلك شأن رجل الدولة الذي يعلم الناس ما ينفعهم ويصلح معاشهم ويهذب أخلاقهم ... ولكننا مخطئون أن فهمنا هذا القول الذي رويناه في علم النجوم انه كان يكره الزيادة الحديثة فيه كما عرفناها نحن في أيامنا ، فانما الزيادة التي كرهها هي تلك الزيادة التي كانت على عهده تخوض في التنجيم وتربط أقدار الناس بالكواكب وتجعل منها أربابا لعبد وأرصادا تؤتمن على أسرار الغيب . وذلك ما نهی عنه الآن وتعد النهي عنه من تحقيق العلم الصحيح .. ولم يفته الحرص على المعرفة التي تخترع منها منافع للناس في أمر المعاش . فطلب الى أبي لؤلؤة غلام المغيرة ان ينجز ما ادعاه من اختراع طاحون تدار بالهواء ، وهو علم الصناعات کما انتهى إليه في عصره ، لا يضيره انه قسط ضئيل، بل حرصه عليه مع ضالته دليل على ما يلقاه تشجيع المناعة يوم يراها جليلة كبيرة الآثار . على أن زبدة الثقافة كلها في أقطاب الحكم وعظماء الأعمال انما تتلخص في شيء واحد : هو الدراية بالناس ونفاذ البصر في شؤون الدنيا وصدق الخبرة بدخائل النفمن البشرية ، أو هو ما نسميه في أيامنا هذه بالرأي السليم والحكمة العملية ، وهو مجال كان عمر بن الخطاب قليل النظراء فيه ، وحفظت له كلمات في معانيه يندر مثيلها بين كلمات الحكام ، ولا بكثر مشیلها كلمات الحكماء فاي كلمة أدل على النفس البشرية من قوله : « ليس العاقل الذي عرف الخير الشر ، ولكنه الذي يعرف خير الثرين ) (۱) المراد : خلاصتها باعتبار أن الزبدة خلاصة اللبن ، أو دسامتها لما في الزبد من دسم • منه (1) و . من