صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/2

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

بسم الله الرحمن الرحيم عبقرية عمر حمدا لله، وصلاة وسلاما على البشير النذير، والسراج المنير، سیدنا و مولانا محمد، وعلى آله وصحبه، وكل من سار على نهجه ودربه، ونستعين بخیر معین.. ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا. وبعد :

فالكتاب الذي بين أيدينا..امتطى له العقاد صهوة فكره، بغية الاحاطة بعظمة بطله، فبطله ذو لون جديد، وعبقريته ذات طابع فريد..

فنوه الي منهجه في الكتاب.. بأنه ليس سردا لسيرة عمر، ولا عرضا لتاريخ عصره، وانما هو وصف له، ودراسة لاطواره، ودلالة على خصائص عظمه، واستفادة من هذه الخصائص العلم النفس، وعلم الأخلاق، وحقائق الحياة، لذلك ركز على ما يفيد في هذه الدراسة، سواء لديه أكان من حادت صغير أم عطيم.

وأظهر الأستاذ العقاد حرجه عندما حاول أن يجاري من يسمون بالكتاب المنصفين، الذين يفرنون المدائح بالمعايب، ويمزجون النقائص بالمنائب، ولا يأتون بحسنة الا نقبوا عن سيئة تمحوها، أو تقلل منها، وكان سر حرج العقاد، أنه لم يجد عيبا ولا نقيصة ولا مايستحق اللوم في حياة عمر وأطواره. مما جعله بتوقع أن يتهم بالمغالاة والتحيز والاعجاب، وله العذر كل العذر في ذلك، اذ كيف يحاسب — هو أو غيره — عمر بن الخطاب، وقد كان عمر يحاسب نفسه بأعنف مما كان يمكن أن يحاسبه غيره ؟؟؟..

إن طبيعة عمر بن الخطاب وخلائقه، كانت تؤهله للزعامة عن جدارة راقتدار، ولكن أي نوع من الزعامه كان يمكن لعمر أن يناله ؟ لم تكن هناك زعامة مهيأة له — لولا الاسلام — الا زعامة قبيلته « بني عدي » أو زعامة قريش قبيلتة الكبري، لم ينتهي به الأمر عند هذا الحد، ولا يسمع له بعد ذلك خبر، شأنه في ذلك شأن من سبقوه، ولكن الإسلام هو الذي أبرز طاقات عمر وأظهر مواهبه، وفجر فدراته، وكشف النقاب عن عظمته وعبقريته، وحدد له الزعامة اللائقة به، والدور الملائم له، ليعز به الاسلام، ويزداد هو بالاسلام عزا، ويبقى ذكره عطرا، وأثره عبقا..فعمر الذي عرفه تاريخ العالم، ولید الدعوة المحمدية دون سواها، ولولا الإسلام، لما عرف العالم عمر..