صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/216

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-۲۱۸ .. 6 خطبته لبنت الصديق فلن يفوت عمر - وهو يعلم من يخاطبه في الأمر - أن يفهم خبيئة سعيه وأن يتجاهله لئلا يكشف موقف الرفض والاعتذار عائشة واختها رضي الله عنهما ، ويعمل بما يراه الصواب والطريف في القصة - وكلها طريف - أن يذهب عمرو بن العاص الى خليفته ليواجهه بما يؤخذ عليه من خلائقه وهو آمن أن يغضبه ، بل هو فوق ذلك واثق من موافقته اياه ما دام على صدق في مقاله وللمرأة أن تأبي الخشونة في رجلها ولا تستريح اليها ، ولكن دارس الأخلاق لا ينبغي أن يعيب هذه الخصلة الا بمقدار ما فيها من نقص في الطبائع الانسانية الأصيلة اذ المحقق أن الخشونة حرمان من الصقر) والمرونة ، ولكننا نخطىء كل الخطأ انحسبناها حرمانا من البر والرحمة ، لأن المرء قد يكون ناعم الملمس وهو قاس مفرط القسوة ، ويكون خشن الملمس وهو رحيم مفرط الرحمة ، ويغلب في هذه الحالة أن تكون خشونته - كما أسلفنا في فصل سابق - درعا يستر بها مواضع اللين في خلقه ، وضربا من الخجل أن يطلع على ناحية فيه يتطرق اليها الضعف وتنفذ منها الرماية .. فالخشونة نقيض الصقل والنعومة ، وليست نقيض العطف والرحمة . وعمر بن الخطاب من أفذاذ الرجال الذين تتجلى فيهم هذه الحقيقة أحسن جلاء ، حتى في علاقاته بالأمل والنساء . رحمة عمر رحمة في غلاف وليست بالرحمة المكشوفة لكل ناظر ولامم ، ولا تطول بالناس عشرته حتى ينقش هذا الغلاف عن قلب وديع مفعم بالعطف والمودة ، مفتح الجوانب لكل عاطفة كريمة ولو لم تكن من ولي حميم . فنساؤه اللائي عاشرنه قد كلفن بحبه ورضين عيشه لرضاهن بمودته وعطفه ، وكانت احداهن التي سميت العاصية وسماها النبي عليه السلام الجميلة لا تطیق فراقه . فاذا خرج مشت معه الى باب الدار فقبلته. ولم تزل في انتظاره (۱) ما خبيء وغاب . (۲) الجلاء 0 (۳) يذهب . (4) مليء . (5) أي قريب { (1) .