صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/7

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

–٨–


أعماله بنظام الحكم في زماننا، وجدنا الكثير من المستغربات التي تحول بيننا وبين تقديرها الصحيح لأول وهلة، فعمر قد أدى الواجب الحكومي على الوجه الأقوم، ولا سبيل لمؤاخذته بقياس حديث أو قدیم.

وركز الكاتب على منهج عمر في التقشف، وبين أنه لم يكن عن عجز، وانما كان وفاء لحق الصداقة، والمراد بالصداقة هنا : صداقته للنبي رصداقته للصديق، فكان لا يستسيغ لنفسه متاعا لم يتحقق لكليهما، وكان يؤثر الشدة، ليقطع الشك، ويدرأ الشبهة، ويقتدي بصاحبيه، ويترك القدوة المثلى لمن يليه.

وفي الوقت الذي نرى فيه عمر بطلا يروع، ويعرف روعة البطولة ويستحق الاعجاب غاية استحقاقه، نراه من فرط ولائه لمن يفوقونه أنه خلق للاعجاب بغيره، ولم يخلق ليكون موضع اعجاب، و كم كانت غبطته حينما ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : «يا أخي» !!

وكان عمر يتصاغر على قدر ما يراه من بواعث الكبرياء، لا على قدر ما يراه من بواعث الصغر، وليس أدل على ذلك من دخوله الشام ماشيا على الرغم من أنه المنتصر، وتذكيره لنفسه كلما حدثته بأنه قد صار في منزلة العظمة والسلطان، بانه كان راعيا لإبل الخطاب ..

وكان اعجابه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفوقه اعجاب، مع أنه لم يكن أحد مستقلا برأيه في مشورة النبي کاستقلال عمر، فهو صاحب المشورة في حجب نساء النبي، وصاحب التأييد في رأيه من رب العالمين في العديد من الأمور، وهو الذي راجع النبي في التبشير بالجنة لمن يشهد أن لا اله الا الله، مخافة أن يركن المسلمون إلى ذلك ..ولكنه مع ذلك كان يضع نفسه بالنسبة للرسول - عليه الصلاة والسلام - موضع المأموم من الامام، والمريد من العالم، والشرطي من القائد ..

وتناول الأستاذ العقاد بالايضاح والتحليل موقف عمر من آل البيت ورد على من اتهموه بأنه كان يناجزهم، وأنه حال بين على والخلافة.

ولقد كان رأي الصحابة في عمر واضحا غاية الوضوح، * يحمل کل اجلال واكبار ... فعثمان بن عفان هو الذي قال لزياد : .«..لن تلقی مثل عمر.. لن تلقی مثل عمر.. لن تلقی مثل عمر». ویکی علی یوم مات عمر، وسئل في ذلك، فقال : «أبكي على موت عمر، إن موت عمر ثلمة في الإسلام لا ترتق الى يوم القيامة».

وقال فيه ابن مسعود : «كان إسلامه فتحا، وكانت هجرته نصرا، وكانت إمامته رحمة».

وقال معاوية موازنا بين الخلفاء : « أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن».

وقال عمرو بن العاص : " لله در ابن حنتمة ( اسم أم عمر )، أي امری، كان ؟؟ ».