(1) ونصرهم اذا أدعو عتيسة .. فكيف أخاف أو أخشى عدوا فلست بعادل عنهم سواهم طوال الدهر ما اختلف الجديد الى آخر ما نسب اليه أقرب شيء إلى الواقع - والى المتوقع - أن يؤخذ ببلاغة القرآن رجل نشا هذه النشأة ، وأحب الكلام البليغ هذا الحب ، وأن يخشع التفصيله ، فيفتح من قلبه مسالك الأصغاء مستقیم الطبع مفطورا على الانصاف ، فلم يكن رجل مثله ليستريح الى فساد الجاهلية ، أو ينكر فسادها ، اذا نبه اليه وهدی 6 الآياته ويعجب وكان عمر 6 منه { وكانت النزعة الدينية وراثة في أسرته ، على ما يظهر من مبادرة أخته فاطمة وابن عمه سعید بن زید الى الاسلام ، وكان له قبل الاسلام رجل من عمومته يقدح في الوثنية ويبحث عن الحق في النصرانية واليهودية ، ويبتلى أهله بالخلاف ويتلونه بالايذاء والحب والارهاق ، ونعني به زيد بن عمرو بن نفیل
وعمر نفسه ألم يقل لنا انه يئس ليلة من السمر ومن الخمر فذهب يطوف بالبيت كان طواف البيت شهوة من شهوات قلبة تنوب عنه مناب المحبوب من الشهوات .. ألم يكن في الجاهلية ينذر أن يعتكف ليلة كل أسبوع .. بل لعل صلابة الخطاب أبيه لم تكن في صميمها شيئا مناقضا لعنصر الدين والايمان . فان هؤلاء الصلاب الشداد في المحافظة على العرف هم أولئك المؤمنون المتزمتون الذين لا يطيقون المساس بعقائدهم اذا آمنوا بدین وزاد عمر على الوراثة الدينية أنه كان صاحب فراسة وزكانة وكان يستطلع الرؤى والمنامات ويتصل بالغيب ويصر على البعد کما سلف في حديث سارية حين ناداه : يا سارية الجبل !.. يا سارية الجبل ، وبينهما مسيرة ايام (۱) حاضر مهيأ . (۲) ظن بمنزلة اليقين .