صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/15

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
9
ولكنا نحن لا نعرف فيه شيئًا من هذا، وما قلنا في الرجل إلا ما يقول فيه كلامه، وإنما ترجمنا حُكم هذا الكلام، ونقلناه من لغة الأغلاط والسرقات والحماقات إلى لغة النقد، وبيناه كما هو، لم نبعد ولم نتعسف، ولم نتمحَّل في شيء مما بنينا عليه النقد، ولكل قول أو عمل حكمٌ على قائله أو فاعله يجيء على قدره عاليًا ونازلًا وما بينهما.

والعقاد، وإن زور شأنه، وادعى، وتكذب، واغتر، ومشى أمره في ضعفاء الناس بالتنطع والتلفيق والإيهام، فإن حقيقته صريحة لا تُزوَّر، وغلطاته ظاهرة لن تُدَّعى، وسرقاته مكشوفة لن تلفق، وما زدنا على أن قلنا هذا هذا، فإن يغضب الأسود على من يصف سوادَه فليغضب قبل ذلك على وجهه.

في هذه المقالات مُثُلٌ (وعينات) تؤول بك إلى حقيقة هذا الأديب من كل نواحيه، وفيها كاف، إذ لا يلزمنا أن نأتي على كل كلامه إذا كان كل كلامه سخيفًا. وآثار هذا المغرور في الأدب تنظمها كلها قضية واحدة من السرقة والانتحال في غباوة ذكية … ذكية عند الطبقة النازلة من قراء جرائدنا، وعند أشباههم ممن ليست لهم موهبة التحقيق ولا وسائله، ثم … ثم غبية فيما فوقها. وأولئك طائفة لا ميزان لها ولا وزن، فلا تَرفع ولا تضع، وإنما العمل على أهل النظر والتأمل ومن فيهم قوة الصواب، وعندهم وسائل الترجيح، ولهم قدرة الحكم، وبلاغة التصفح، ولطف الخاطر البعيد، والاستشفاف لما وراء الظاهر.

وسترى في أثناء ما تقرؤه ما يثبت لك أن هذا الذي وصفوه بأنه «جبار الذهن» … ليس في نار (السفود) إلا أديبًا من الرصاص المصهور المذاب.