صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/16

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

10

ونرجو أن تكون هذه المقالات قد وجهت النقد في الأدب العربي إلى وجهه الصحيح، وأقامته على الطريق المستوية، فإن النقد الأدبي في هذه الأيام ضرب من الثرثرة، وأكثر من يكتبون فيه ينحون منحى العامة، فيجيئون بالصورة على جملتها، ولا يكون لهم قول في تفصيلها، وإنما الفن كله في تشريح التفاصيل لا في وصف الجملة. وماذا في أن تقول: «هذا كلام نازل ومعنى مستغلق، وهذا استكراه وتكلف، وهذا ضعيف رديء، وهذا لم أفهمه» — وهي طريقة الدكتور طه حسين وألفافه —؟ ألا يقابل ذلك في الشاطئ الآخر من المنطق هذا كلام عال ومعنى مكشوف، وطبع وطريقة وحذو جيد، وفهم وبيان … وهكذا من جملة تُقابل جملة، وكلمة تنقض كلمة، وأخذٍ ورَدٍّ فيما لا يثبت ولا يتحصل؟

يقولون: إننا في دور انتقال بالأدب العربي، والحقيقة أننا من العقاد وأمثاله — الغارين المغرورين بآرائهم الطائشة وبيانهم المنحط — في دور انسلاخ ورجعة منقلبة. والأعرج — وَيْحَكُم — هو دائمًا في دور انتقال … إن ذهب يُعَمِّي ويتفلسف في أسباب عرجه، وما يمعنه أن يقول: إنه ليس بأعرج، وإنما هذا فن جديد من الخيلاء والتبختر … ينتقل به من المشي خطوًا إلى المشي رقصًا …؟

هذا وقد كتبنا مقالات «السفود» — كما نتحدث عادة — لهوًا بالعقاد وأمثاله، إذ كانوا أهون علينا وعلى الحقيقة من أن نتعب فيهم تعبًا، أو نصنع فيهم بيانًا، فهم هلاهيل لا تشد أحدهم حتى يتهتك وينفتق (وينفلق) …

وإني لَمِمَّا1 أضربُ الكبش ضربة
على رأسه تُلقِي اللسان من الفم

  1. يفسرون «لَمِمَّا» في هذا البيت ب «ربما»، والبيت عربي قديم.