صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/17

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١

على السفود

للسَّفُود نارٌ لو تَلقَّتْ
بجَماجِمِها حَدِيداً ظُنَّ شَحماً
ويَشْوي الصّخْر يَترُكُهُ رَمَاداً
فكيف وقد رميتُكَ فيه لَحْماً
عباس محمود العقاد1

يقول «جول لُمَتْر» الناقد الفرنسي المعروف: «ولا أكاد أفرغ من كتاب أقرؤه حتى يذهب بي الانفعال مذهبه حزنًا وفرحًا، وقد أضطرب من شدة السرور وكأنما خالطني ذلك في اللحم والدم».

احذِف هذا الشعور النبيل القائم على الفهم والحق وعلى القلب والعقل، وضَعْ في مكانه ألأمَ شعور وأخزاه، يخرج لك «عباس العقاد» الجلف الحقود المغرور قائلًا «لا أكاد أفرغ من قراءة كلمة طيبة لأحد من خلق الله حتى أمتلئ حقدًا وغمًّا، وأراني أشعلت النار في لحمي ودمي».

إن لم يقل هذا المغرور ذلك بيانًا وكلامًا، فقد نطقتْ به أفعاله في أَلْأَمِ لغة وأخس طبيعة، وهو دائب منذ عشرين سنة لا يعمل إلا بهذه القاعدة، ولا تعمل فيه إلا هذه القاعدة، وكان يظن أن الناس يهابونه لمكان ما في نفسه من نفسه، ولكنه لما طُرد أخيرًا من جريدة البلاغ رأى حيطان الشوارع نفسها تكاد تشتمه، وأيقن


  1. نشرت في عدد شهر يوليو سنة ۱۹۲۹ من مجلة العصور