صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/20

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

14

ما صُنع في «معمل» جاء من مواده، ولن يفلح فيه بعد ذلك أدب ولا تهذيب ولا علم ما لم يكن في المعمل أُدِّبَ وهُذِّبَ.

لو كان العقاد يرضى أن يقال عنه إنه مترجم لأنصف نفسه وأراحها، ولكنه يزعم — في وقاحة — أن لا عبقري غيره. فإذا ذهبت تقرأ كتبه رأيت أحسن ما يكتبه هو أحسن ما يسرقه، وهذا أمر كالمجمع عليه، ومع ذلك لا يريد اللص إلا أن يُعَدَّ من أرباب الأملاك!!!

تأمل أسماء كتبه «ساعات بين الكتب»، «مراجعات من الأدب والفنون»، «مطالعات في الكتب والحياة» ما هذا؟ هل هي إلا اللصوصية الأدبية تسمي نفسها من حيث لا يشعر اللص؟

وإذا ذهب كل إنسان يقرأ الكتب التي تُعَدُّ بالملايين ويلخص كل كتاب في مقالة أو مقالات، فهل يعجز عن هذا العمل أحد؟ وهل يكون كلُّ الناس عباقرة لأنهم قرءوا وفهموا وسرقوا ولخَّصوا؟ لقد هانت العبقرية، وأصبح خمسة آلاف من طلبة البكالوريا في هذه السنة وحدها خمسة آلاف عبقري أنجبتهم مصر في عام واحد …

ويدعي العقاد أنه إمام في الأدب، فخذ معنا في تحليله، أما اللغة فهو من أجهل الناس بها وبعلومها،1 وقلما تخلو مقالة له من لحن، وأسلوبه الكتابي أحمق مثله، فهو مضطرب مختل لا بلاغة فيه وليست له قيمة، والعقاد يُقِرُّ بذلك، ولكنه يعلله أنه لا يريد غيره، فنفهم نحن أنه لا يمكنه غيره. هو من جهة اللغة والبيان ساقط، لا يكابَر في هذا، أمسِك عليه هذه المقدمة أولًا ثم خذ منه نتيجتها، نتيجتها عند نفسه أنه شاعر كاتب عبقري!! وهَبْهُ نزل عليه الوحي، فما قيمة ذلك إذا كان لا يجيء إلا في أسلوب سخيف؟

للعربية سرها في تركيبها وبيانها، فإذا أهملناه صارت العربية (كلام جرائد)


  1. سيأتي ذلك مفصلًّا بأمثلته.