صفحة:كتاب شعراء النصرانية 1 (1890) - لويس شيخو.pdf/171

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱٥٥
كليب وائل بن ربيعة

اسكتي فلك بناقتك ناقة اعظم منها . فأبت ان ترضى حتى صاروا لهـا الى عشر . فلما كان الليل انشأت تقول تخاطب سعدا اخا الجسّاس وترفع صوتها لتسمع جسّاسا :

ايا سعد لا تغرر بنفسك واحترز
فاني1 في قوم عن الجار اموات
ودونك اذوادي اليـك فانني
محاذرة ان يغدروا ببنيّاتي
لعمرك لو اصبحت في دار منقر
لما ضيم سعـد وهو جار لابياتي
ولكنني اصبحت في دار معشر2
متى يعد فيها الذنب يعد على شاتي

( وسمّت العرب ابياتها هذه الموثبات) . فقال لها جساس: اسكتي ولا تراعي وسكّن الجرميّ وقال لهما : اني ساقتل جملا اعظم من هذه الناقة ساقتل علالا . وكان علال فحل ابل كليب لم ير في زمانه مثله وانما أراد جسّاس بمقالته كليبا. وكان لكليب عين يسمع ما يقولون فاعاد الكلام على كليب فقال : لقد اقتصر من يمينه على عـلال . ثم ان جساسا مكث يتندّس الخبر عن كليب فاذا بلغه انّ معه سلاحه لم يأته حتى خرج كليب ذات يوم وليس معه سلاحه فتبعه جسّاس هو وعمرو بن الحارث بن شيبان ويقال انه عمرو بن أبي ربيعة المزدلف ابن ذهل بن شيبان حتى لحقاه في الحمى . فقال له جساس : در لي من قدامه حتى أقتله وكان كليب لا يلتفت وراءه من الكبر فقال له جساس : يا كليب الرمح وراءك . فقال : ان كنت صادقا فاقبل اليّ من امامي . ولم يلتفت اليه قطعنة فأرداه عن فرسه . فقال : يا جساس اغثني بشربة من ماء . فقال جساس : تجاوزت شبيثـا والاحصّ. ويقال ان عمر بن الحارث قال لجسّاس : والله ما اظنك صنعت شيئا واخاف ان تكون قد طرحتنا في بليّة . فعاج على كليب فذّفف عليه أي تمم . وزعم مقاتل ان عمرا هو الذي طعنة فقصم صلبه فقال المهلهل :

قتيل ما قتيل المرء عمرو
وجساس بن مرة ذو ضرير

ثم اجتز رأسه فلما عاد الى الديار سأله مرّة ما وراءك يابني . قال : طعنت طعنة لتشغلن شيوخ وائل رقصا . قال : أقتلت كليبا ، قال : اي وانصاب وائل وايّ قتل . قال : اذن نسلمك بجريرتك ونريق دمك في صلاح العشيرة فلا انا منك ولا انت مني . فوالله لبئس ما فعلت وودت انك واخوتك متم قبل هذا ، فرّقت جماعتك واطلت حربها وقتلت سيدها ورئيسها في شارف من الإبل والله لاتجتمع وائل بعدها ابدا ولا يقوم لها عماد في العرب فقال له قومه : لا تقل هذا ولا تفعل فيخذلوه وايّاك . فامسك مرّة وغمس يده مع ابنه في

الحرب واستعد لها . ثم قال لبنيه : اظعنوا بنا عن مجاورة القوم حتى ننظر ما يصنعون ، فظعنوا


  1. ويروى : لا تغرر بنفسك وارتحل فانك الخ
  2. وفي رواية : في دار غربة