الأمر لمشاركة المقاتلين في الغنيمة ، فكر عليهم المشركون حتى شج رأس النبي الخ .. وكلها ناطقة بأن الاسلام هو دين العمل لا دين الكسل ولا هو دين الاتكال على القدر المجهول للبشر ، كما يقول الدراويش البطالون : رزقنا على الله عملنا أم لم نعمل ، كما يزين للناس بعض مؤلفي الافرنج من ان دين الاسلام دين جمود وتفويض وتسليم ، وان تأخر المسلمين إنما نشأ عن ذلك، ولو كان في هذه الدعوى ذرة ما من الصحة لما نهض الصحابة أخبر الناس بالاسلام وفتحوا نصف كرة الأرض في خمسين سنة : ولكن التسليم الذي يتكلمون عليه ويهرفون فيه بما لا يعرفون إنما هو مقرون بالعمل وبالكدح وبالسعي وإلا فلا يسمى تسليماً بل يسمى جموداً، ويعد بطالة وهو مخالف للقرآن والسنة وأما إذا كان التسليم الله مقروناً بالعمل فانه أنفع في الدنيا والآخرة لأن افراط المرء في الاعتماد على نفسه يورطه في البطر إذا نجح ، وفي الجزع إذا فشل . والذي يريده الاسلام إنما هو ان يعقل الانسان ويتوكل (١) وان يدبر لنفسه بهداية عقله الذي جعله الله مرشداً ، ويعلم مع ذلك ان ليس كل الأمر بيده ، وان من الاقدار ما لا تدركه الأفكار . وهذا صحيح ، ولما ذكر النبي لا القدر سأله بعض أصحابه ألا نتكل ؟ فقال : اعْمَلُوا فَكُل مُيَسر لَما خُلِقَ لَهُ . (۱) في قوله يعقل هذا تورية لاحتماله معنيين : ظاهرهما تحكيم ادراك العقل في الامور مع التوكل على الله ، والثاني عقل الناقة المراد به الأخذ بالاسباب مع التوكل على الله ، اذ فيه اشارة الى حديث الاعرابي المشهور بين الناس حتى صار مثلا «اعقلها وتوكل » وفي رواية قيدها وتوكل » يعنى ناقته فلم يأذن له (ص) ان يتركها توكلا على الله تعالى ( ر ) .
11.